الخميس, 14 أغسطس 2025 01:29 AM

الجزائر: عودة النشاط الحزبي تسبق الانتخابات والحوار الوطني المرتقب

الجزائر: عودة النشاط الحزبي تسبق الانتخابات والحوار الوطني المرتقب

يشهد المشهد السياسي في الجزائر حراكاً ملحوظاً خلال الصيف الحالي، مدفوعاً بتحركات أحزاب سياسية كانت في حالة سبات. أحزاب معارضة وموالية أبدت نشاطاً ملحوظاً في الأسابيع والأشهر الأخيرة، حيث أصدرت المعارضة بيانات تنتقد الإجراءات الحكومية التي اعتبرتها تمس بالسيادة الوطنية، مثل قانون المناجم، ودعت إلى السماح بتنظيم مظاهرات تضامنية مع غزة. في المقابل، استغلت أحزاب أخرى هذه الفترة للتعبير عن دعمها وولائها.

ويرى مراقبون أن هذا الحراك السياسي "صحي"، خاصة مع اقتراب مواعيد سياسية مهمة تتطلب نهضة حقيقية على مستوى الطبقة السياسية. وفي حديث لـ"النهار"، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة "قاصدي مرباح" في ورقلة، مسلم بابا عربي، أن الصيف يشهد عادة نشاطاً سياسياً مكثفاً، سواء من خلال عقد المؤتمرات الحزبية، مثل مؤتمر حزب التجمع الوطني الديموقراطي، أو من خلال حدوث تغييرات داخلية، مثل الاحتجاجات داخل حزب جبهة التحرير الوطني.

وأكد بابا عربي أن الحراك السياسي الحالي يعود إلى قرب الاستحقاقات السياسية، مثل الانتخابات النيابية والبلدية المرتقبة العام المقبل، بالإضافة إلى موعد الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والمقرر في نهاية هذا العام أو بداية 2026. وأضاف أن السلطة بدأت مشاورات لتعديل بعض النصوص القانونية، خاصة قوانين الانتخابات والأحزاب والبلدية والولاية، مما يفسر هذا الحراك السياسي.

وأشار بابا عربي إلى ضعف الحضور الحزبي في البلاد، معتبراً أن الديناميكية الحالية لا تزال دون المستوى المطلوب، نظراً لحالة الجمود التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الماضية. وأضاف أن الوضع السياسي السابق لم يكن طبيعياً، وكان من المفترض أن تمنح الحركية السياسية التي رافقت حراك 2019 زخماً أكبر للأعوام اللاحقة، لكن ما حدث هو تراجع ملحوظ، سواء على صعيد ظهور أحزاب جديدة أو تنشيط الساحة السياسية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية الجزائري أن نتائج انتخابات 2021، ثم الاستحقاق الرئاسي في 2024، كرّست الوضع القائم، وهو ما يمكن وصفه بـ"التجديد في إطار الاستمرارية"، الأمر الذي انعكس على الفضاء العام، إذ ظل النشاط السياسي في مستويات متدنية، خاصة في ظل غياب تجديد فعلي للطبقة السياسية وعدم السماح بتأسيس أحزاب جديدة.

وأشار إلى عوامل أخرى مؤثرة، منها جائحة كورونا وما رافقها من فترات حجر صحي، وتداعيات الوضع الإقليمي وتنامي التهديدات، لكنه شدد على أن الطبقة السياسية تحتاج إلى دماء جديدة لتحريك المياه الراكدة. وحيال دعوة الأمين العام الجديد لـ"حزب التجمع الوطني الديموقراطي" منذر بودن إلى "أحزاب قوية"، عقب لقائه الرئيس تبون، وصف بابا عربي ذلك بأنه "تشخيص منطقي" يتقاسمه كثيرون، مؤكداً أن الساحة السياسية بحاجة إلى أحزاب قوية ذات رؤية واضحة، تعمل على التنشئة والتكوين السياسي والتأهيل القيادي لكوادرها، وهي مهام يرى أنها غائبة لدى معظم الأحزاب، باستثناء اثنين أو ثلاثة فقط.

واختتم بابا عربي حديثه بالتأكيد على أن هذه الضرورات السياسية مرتبطة بوجود إرادة سياسية تمنح مزيداً من الحرية وهامش الحركة للنضال الحزبي، وفي الوقت ذاته بوجود كفاءة لدى الفاعلين لترقية العمل الحزبي إلى مستويات أعلى.

مشاركة المقال: