الخميس, 14 أغسطس 2025 11:49 AM

حوادث تهدد الأرواح في حلب: غياب ثقافة القيادة الآمنة وتحديات تطبيق القانون

حوادث تهدد الأرواح في حلب: غياب ثقافة القيادة الآمنة وتحديات تطبيق القانون

صالح سليم – حلب

تعاني مدينة حلب من أزمة متفاقمة تتمثل في غياب ثقافة القيادة الآمنة والمسؤولة، الأمر الذي يهدد حياة الآلاف يومياً ويستنزف مقدرات المجتمع. تشهد الطرقات حوادث مروعة تتسبب في خسائر بشرية ومادية فادحة. هذه المشكلة ليست مجرد نقص في مهارات القيادة، بل تعكس خللاً أخلاقياً وسلوكياً في التعامل مع القيادة، التي يجب أن تعتبر التزاماً أخلاقياً واجتماعياً لحماية الجميع.

قيادة بلا وعي

الخبير المحلف بحوادث السير أحمد بانا صرح لنورث برس قائلاً: "الفوضى التي نشهدها في حلب تعكس غياب الوعي بأهمية القيادة الآمنة." وأضاف أن "السرعة الجنونية، والتجاوزات الخطرة، وعدم احترام إشارات المرور، والسلوكيات التي تتحدى القانون، تحول الطرق إلى ساحات سباق بلا رقابة."

وأشار إلى أن "هروب السائقين من تحمل المسؤولية عند وقوع الحوادث يعكس فقداناً للقيم الأخلاقية واحترام دماء الأبرياء، ويمثل أزمة في الضمير المجتمعي." وأكد بانا أن "التجاوزات من الجهة اليمنى، وتجاهل حقوق المشاة، وغياب الانضباط المروري، كلها علامات على ثقافة قيادة مريضة، حيث يعتبر البعض القيادة استعراض عضلات وتحدياً للقانون، دون إدراك أنها مسؤولية ثقيلة وأمانة."

وأوضح أن هذا السلوك يؤدي إلى تصاعد الحوادث المرورية الخطيرة بسبب عدم احترام حرمة الطريق وحق الآخرين في الحياة. وتتفاقم الأزمة بسبب ضعف الرقابة المرورية وعدم تطبيق القانون بحزم، مما يشجع السائقين على مخالفة القانون دون خوف من العقاب. وأكد أن "وجود دوريات مرورية فعالة وتطبيق صارم للقوانين هما أساس الحد من هذه الظاهرة وحماية أرواح الناس."

ثقافة مرورية

من جانبه، يرى مجد سرميني، أحد سكان حلب، أن المشكلة تكمن في غياب الانضباط وعدم احترام حقوق الآخرين، مما يستدعي حلولاً جذرية. وأضاف في حديث لنورث برس أن "السلوكيات الخاطئة على الطرق تؤدي إلى انتشار الضوضاء والتلوث البيئي، مما يؤثر سلباً على جودة الحياة في المدينة."

وأكد سرميني أن "ضعف التوعية المرورية هو أحد أهم أسباب استمرار الأزمة، حيث إن الجهود الفردية والمبادرات المتقطعة لا تغطي جميع فئات المجتمع ولا تصل إلى عمق المشكلة. هذا النقص في الوعي يؤدي إلى سلوكيات متهورة تضع حياة الناس في خطر، مما يستوجب تطوير برامج توعية شاملة ومستمرة."

واقترح أن الحل يبدأ من "التعليم المروري، من خلال تطوير مناهج تدريبية شاملة تلبي المعايير العالمية، مع التركيز على احترام قواعد المرور وحقوق الآخرين." وأضاف: "يجب تفعيل دور القانون بفرض عقوبات رادعة مثل حجز المركبات، وتكثيف الدوريات المرورية في كل أحياء المدينة. وجود شرطة مرور قوية وفعالة قادرة على فرض الانضباط هو مفتاح النجاح في معركة الحد من الحوادث."

تطبيق القانون

أعلن رئيس قسم عمليات المرور النقيب محمد درويش لنورث برس عن إطلاق حملة مكثفة لمكافحة المخالفات المرورية في حلب، مؤكداً على السلامة والأهمية القصوى لسلامة السكان، وعدم التهاون في تطبيق القانون على جميع المخالفين.

شهدت عمليات ضبط المخالفات المرورية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ عدد الضبوط 2338 ضبط لمخالفات عديدة تتراوح المخالفات بحسب نوعها بين 15 الى 20 دولار أميركي، وحجز أكثر من 2238 مركبة مختلفة الأنواع، وتراوحت مدة الحجز بين ثلاثة أيام وثلاثين يوما، وذلك لتكرار المخالفات.

وقال محمد محمود حمود، مسؤول المراقبين ضمن مديرية النقل بحلب، إنه يتم التعامل مع المخالفات التي يتم رصدها سواء كانت خاصة أو تجربة أو عامة. وتشمل هذه المخالفات تجاوزات متنوعة، بدءاً من المخالفات البسيطة التي تستدعي التنبيه، وصولاً إلى المخالفات الجسيمة التي تستوجب حجز المركبة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وأضاف حمود لنورث برس: "على السائقين الالتزام بالخطوط المحددة لهم، حيث يتم التعامل بحزم مع حالات تغيير الخطوط بشكل غير قانوني. يتم في البداية تنبيه السائق المخالف، وفي حال تكرار المخالفة يتم حجز المركبة."

وتابع: "بالنسبة للمركبات الخاصة، فإن المخالفات الشائعة تتضمن القيادة المتهورة أو التسبب في إزعاج الآخرين. يتم التعامل مع هذه المخالفات بشكل تدريجي، حيث يتم تنبيه السائق في البداية، وفي حال تكرار المخالفة يتم حجز المركبة."

وذكر أن من المخالفات الخطيرة التي يتم التعامل معها بحزم قيادة الأطفال للمركبات، حيث يتم ضبط العديد من الحالات لأطفال تتراوح أعمارهم بين العاشرة والرابعة عشرة يقودون المركبات بشكل متهور. هذا الأمر يشكل خطراً كبيراً على حياة الأطفال وعلى سلامة الآخرين.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: