الخميس, 14 أغسطس 2025 02:01 PM

إحياء خط كركوك-بانياس النفطي: آمال وفرص للاقتصاد السوري في ظل التحديات

إحياء خط كركوك-بانياس النفطي: آمال وفرص للاقتصاد السوري في ظل التحديات

في خطوة استراتيجية واقتصادية هامة، كشف وزير الطاقة المهندس محمد البشير عن مباحثات لإعادة تفعيل مشروع خط أنابيب النفط الذي يربط بين كركوك العراقية وميناء بانياس السوري على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

أوضح الوزير البشير، في تصريح لقناة الإخبارية، أن هذه الخطوة، سواء عبر ترميم الخط القديم أو إنشاء خط جديد، تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي وتوفير منفذ بديل لصادرات النفط العراقية، بالإضافة إلى دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا. يُذكر أن هذا المشروع يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، مما يجعله من أقدم خطوط تصدير النفط في المنطقة، إلا أنه توقف عن العمل منذ عام 2003. وتعتبر إعادة تشغيله اليوم بمثابة دعم للتكامل الاقتصادي الإقليمي، وفتح آفاق جديدة في قطاعي الطاقة والنقل.

الدكتور المهندس البحري سلمان ريا، وفي حديث لصحيفة الثورة، أشار إلى أن الخطط المتعلقة بدراسة جدوى إعادة تأهيل خط النفط كركوك-بانياس تعكس توجهاً استراتيجياً يعيد لسوريا دورها المحوري في منظومة الطاقة الإقليمية. وأكد أن المشروع يتجاوز البعد الاقتصادي، ليتداخل مع معطيات سياسية وجيوستراتيجية تعكس الديناميكيات المتغيرة في العلاقات الإقليمية.

تاريخياً، كان هذا الخط، الذي أُنشئ في الخمسينيات، شرياناً حيوياً لتصدير النفط العراقي عبر الأراضي السورية إلى البحر المتوسط. وامتداده لمسافة تقارب 900 كيلومتر، وقدرته على نقل 300 ألف برميل يومياً، جعلاه نقطة استراتيجية لكلا البلدين. إلا أن التوترات الإقليمية، وعلى رأسها الحرب العراقية الإيرانية، أدت إلى توقفه في عام 1982، وتلتها محاولات عديدة لإعادة تشغيله باءت بالفشل نتيجة للظروف السياسية المعقدة التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.

يؤكد الدكتور ريا أن إعادة تأهيل هذا الخط تمثل فرصة لتقليل اعتماد العراق على خط كركوك-جيهان التركي، مما يعزز أمن الطاقة الإقليمي. وبالنسبة لسوريا، يمنحها المشروع منفذاً بحرياً استراتيجياً، ويتيح لها الاستفادة من رسوم العبور، وجذب الاستثمارات، وتوفير فرص عمل جديدة، مما يدعم الاقتصاد السوري المتضرر من الحرب والعقوبات. كما يعزز المشروع التعاون السياسي بين بغداد ودمشق، ويفتح آفاقاً جديدة للتنسيق في مجالات الأمن والتجارة ومكافحة الإرهاب.

ومع ذلك، يرى الدكتور ريا أن المشروع يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الحاجة إلى استثمارات ضخمة تتراوح بين أربعة إلى ثمانية مليارات دولار، وهو مبلغ كبير في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب البنية التحتية السورية المتضررة تقنيات متقدمة وخبرات عالية لإعادة التأهيل.

ويضيف أن بعض الخبراء يشككون في الجدوى الاقتصادية للمشروع، خاصة إذا لم يصاحبه زيادة كبيرة في إنتاج حقول كركوك. كما أن العقوبات الدولية، وعلى رأسها قانون قيصر، تشكل عائقاً كبيراً أمام تنفيذ المشروع.

على الرغم من هذه التحديات، يرى الدكتور المهندس البحري سلمان ريا أن المشروع يحمل فوائد استراتيجية لسوريا، حيث يمكن أن يوفر إيرادات إضافية من رسوم العبور، ويخلق فرصاً للاستثمار في قطاع الطاقة والبنية التحتية، مما يساهم في دفع عجلة التنمية. كما يعزز من مكانة سوريا الإقليمية، ويمنحها دوراً محورياً في قطاع نقل الطاقة، ما يتيح لها مساحة أوسع في المفاوضات السياسية والدبلوماسية. ومن شأنه أيضاً أن يسهم في تحسين الأوضاع الداخلية عبر خلق فرص عمل واستقرار اقتصادي نسبي.

ويختتم الدكتور سلمان ريا بالإشارة إلى أن مستقبل المشروع مرتبط بجملة من العوامل، منها مدى الاستقرار السياسي في سوريا، واستمرار التعاون الوثيق مع العراق، والقدرة على تجاوز العقوبات الدولية. فبين من يرى فيه حلماً استراتيجياً بعيد المنال، ومن يعتبره خطوة أساسية نحو إعادة بناء سوريا وتعزيز تحالفاتها، تبقى المعادلة معقدة لكنها مليئة بالفرص التي تحتاج إلى إرادة سياسية ورؤية واضحة.

في الختام، يؤكد الدكتور ريا أن إعادة تأهيل خط كركوك-بانياس يحمل إمكانات كبيرة لتعزيز الاقتصاد السوري ودوره الإقليمي في قطاع الطاقة، لكنه يتطلب جهوداً متكاملة ومراعاة دقيقة للتحديات الفنية والسياسية والاقتصادية. ونجاح المشروع قد يكون مؤشراً على تحولات إيجابية في المشهد الإقليمي، ومقدمة لبناء تعاون أوسع يساهم في استقرار المنطقة.

(أخبار سوريا الوطن1-صحيفة الثورة)

مشاركة المقال: