أعلن محمود عبد الوهاب، المدير الإداري لمشفى أطمة الخيري، عن توقف الدعم المقدم للمشفى، مؤكدًا أن الكادر الطبي مستمر في تقديم الخدمات المتاحة حاليًا. جاء هذا الإعلان بعد تلقي الإدارة إشعارًا بوقف الدعم من منظمة الأمين في منتصف آب الجاري، بسبب "الظروف القاهرة التي حالت دون تمديد العقد".
وأوضح عبد الوهاب أن المشفى، الذي يُعد المرفق الجراحي الوحيد في شمال سوريا، يقدم خدمات مجانية على مدار الساعة، تشمل الإسعاف، وأقسام العناية القلبية، وجناح إقامة المرضى، والعيادات التخصصية (داخلية، قلبية، بولية، أذنية، إيكو، نفسية، وجراحية)، بالإضافة إلى الأشعة، والمخبر، والصيدلية، وقسم لقاح الأطفال.
وأشار إلى أن المشفى يقدم حوالي 15 ألف خدمة طبية شهريًا، ويجري نحو 300 عملية كبرى و350 عملية صغرى، ويستقبل قرابة 400 مراجع يوميًا بين الإسعاف والعيادات الخارجية. وتوقع زيادة الضغط نتيجة إغلاق عدد من المشافي والمستوصفات في المخيمات المجاورة، بالإضافة إلى استقبال مرضى من عفرين وجنديرس نظرًا لجودة الخدمات.
من جهته، صرح مصدر في منظمة الأمين الداعمة للمشفى، بأن المانح لم يجدد دعم مشفى أطمة "دون وجود أي أسباب تتعلق بالمستوى الخدمي أو جودة العمل"، مؤكدًا أن المشفى يُعد من أهم مشاريع المنظمة من حيث الخدمة والتأثير المجتمعي، ويحتل المرتبة الأولى من بين 61 نقطة طبية في عموم سوريا.
وأضاف المصدر أن هذه هي المرة الثانية التي تُحدَّد فيها المنحة، وأن الموظفين أُخطروا مسبقًا بذلك. وأشار إلى أن المنظمة حاولت خلال الشهر الماضي إقناع المانح بالتجديد "لكن مع الأسف لم يكن هناك أي نتيجة"، لافتًا إلى أن المانح لم يجدد دعمه في منطقة المشفى رغم الجهود المبذولة.
وربط المصدر بين توقف الدعم والموقف الرسمي لوزارة الصحة، موضحًا أن الجو العام في الوزارة لا يوحي بوجود خطط لتغطية احتياجات هذه المشافي التي تقع خارج منظومتها، مشيرًا إلى أن مشفى أطمة "ليس الوحيد" الذي توقف الدعم عنه، وأن هناك محاولات حالية لتبني الموضوع.
في المقابل، أكد زهير قراط، مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة، أن المشافي ذات الأبنية العامة التابعة ملكيتها لوزارة الصحة ستقوم الوزارة بإعادة تأهيلها، وتأمين رواتب لكوادرها، ودعمها بكل ما يلزم، بينما المشافي التابعة للمنظمات، وهي أبنية مستأجرة وليست ضمن الخارطة الصحية لمديرية صحة إدلب، "ليست أولوية" في الدعم من قبل الوزارة.
وأشار قراط إلى أن الوزارة ستلحظ التغير السكاني في محافظة إدلب بعد اندلاع الثورة السورية عند وضع خططها المستقبلية، بما يتناسب مع الاحتياجات الصحية الطارئة في المنطقة.
منذ خروج مناطق شمال سوريا عن سيطرة النظام السوري عام 2012، أُعيد تشكيل القطاع الطبي هناك بشكل شبه كامل عبر جهود منظمات إنسانية وداعمين دوليين ومحليين. فقد أُنشئت عشرات المشافي الميدانية والمراكز الصحية لتغطية الفراغ الذي خلّفه انسحاب المؤسسات الحكومية، ولعبت دورًا أساسيًا في تقديم الرعاية خلال سنوات النزاع. إلا أن هذه المنشآت اعتمدت بصورة شبه مطلقة على التمويل الخارجي، ما جعلها عرضة لأزمات متكررة عند توقف أو تقليص الدعم. ومع الانخفاض الملحوظ في التمويل الدولي خلال السنوات الأخيرة، اضطر العديد منها إلى تقليص خدماته أو الإغلاق.
ومع سقوط النظام، تغيّرت سياسة الدعم من قبل المنظمات الدولية، إذ أصبح يُركّز على دعم المركز المتمثل بوزارة الصحة، التي تتولى بدورها رسم الخارطة الصحية في عموم البلاد وتوزيع الدعم وفق رؤيتها. ويؤكد عدد من المطلعين على الشأن الطبي أن لهذا التوجه انعكاسات سلبية على المدى المنظور، باعتبار أن هذه المنشآت تغطي احتياجات عشرات الآلاف من السوريين، وأن إغلاقها قد يتسبب بخلل خطير في المنظومة الصحية بالمنطقة.