احتفلت الطوائف المسيحية في سوريا يوم الجمعة الموافق 15 آب بعيد رقاد السيدة مريم العذراء، الذي يُعد من أهم المناسبات الدينية لدى المسيحيين. وشهدت كنائس الطوائف المسيحية في مختلف المحافظات السورية إقامة الصلوات والقداديس احتفاءً بهذه المناسبة، بمشاركة واسعة من أبناء الديانة المسيحية.
يرمز هذا العيد عند المسيحيين إلى انتقال العذراء إلى السماء بالروح والجسد بعد إتمام رسالتها على الأرض. وكجزء من التقاليد، تم إشعال الشموع أمام أيقونة العذراء، في رمزية تعبر عن "نور المحبة والإيمان الذي تنشره في القلوب".
مناسبة للتآخي
لم يقتصر الاحتفال بعيد رقاد السيدة العذراء على المسيحيين فقط، بل تحول إلى مناسبة جمعت سوريين من مختلف الأديان والطوائف، للتعبير عن التآخي والوحدة الوطنية. لارا الصويري وديمة طالب، صديقتان من ديانتين مختلفتين تعيشان في حي القصاع بدمشق، تجمعهما صداقة متينة منذ حوالي 20 عامًا، تحرصان خلالها على تبادل الزيارات والمشاركة في طقوس كل عيد.
روت ديمة لعنب بلدي أنها شاركت لارا الذهاب إلى الكنيسة للاحتفال بعيد السيدة، معربة عن شعورها بـ"الراحة النفسية والسكينة الداخلية" عند إشعال الشموع أمام أيقونة العذراء. وأضافت: "رغم اختلاف الدين، فإن الصلاة مكانها بالقلب، وعندما أزور الكنيسة أشعر أنني أقرب إلى الله، كما أنني في الجامع، فجميعهم بيوت الله".
وأكدت لارا أن حالة التأخي التي تعيشها مع صديقتها ديمة أقوى من أي اختلافات، مشيرة إلى أنهما تربيتا على قيم المحبة والتسامح واحترام الآخر التي تجمع بين الأديان السماوية. وبدورهما، تحدث الجاران طوني سمارة ورامي مغربي، من منطقة برج الروس بدمشق، عن صداقتهما التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، حيث يتشاركان الفرح والحزن ويقفان إلى جانب بعضهما في أصعب اللحظات، دون أن تمنعهما الانتماءات الدينية من الاحتفال معًا بجميع المناسبات، سواء أعياد الميلاد والفصح، أو عيدي الفطر والأضحى.
وقال رامي: "تعلمنا من العشرة الطويلة أن جميع الأديان السماوية تدعو إلى المحبة والسلام، ولا فرق بين مسلم ومسيحي". كما تشارك لانا عرنوس صديقتها سارة حواشي الاحتفالات التي كانت تقام في منطقة مرمريتا بحمص كل عام احتفالًا بعيد السيدة. وأوضحت سارة أن "الأعياد الدينية بالنسبة لنا فرصة لنلتقي ونعبر عن محبتنا، ولا يهم إن كانت المناسبة تخص دينًا معينًا، المهم أننا نحتفل معًا".
وأضافت لانا أن هذه المشاركة المتبادلة جعلتها تشعر أن الأعياد الدينية في سوريا أقرب لأن تكون أعيادًا وطنية يشترك فيها الجميع.
"كرنفال مرمريتا"
اعتاد أهالي قرية مرمريتا في محافظة حمص على إقامة كرنفال سنوي احتفالًا بعيد رقاد السيدة العذراء، إلا أنه ألغي هذا العام حدادًا على ضحايا تفجير كنيسة "مار إلياس" الذي وقع في حزيران الماضي بمنطقة الدويلعة بدمشق. وكان كرنفال مرمريتا يجمع مئات المشاركين من مختلف الأعمار، حيث تجوب الشوارع مواكب مزينة بالألوان، وتقام عروض فنية وموسيقية، بالإضافة إلى الفقرات التراثية التي تعكس تاريخ المنطقة وثقافتها. ولم يعد الكرنفال مجرد احتفال بمناسبة دينية، بل تحول إلى حدث اجتماعي وثقافي يفتح أبوابه للجميع، ويجذب زوارًا من مختلف المحافظات وحتى من خارج سوريا.