السبت, 16 أغسطس 2025 09:45 PM

أزمة صحية في حلب: غياب أجهزة الرنين المغناطيسي يرهق كاهل المرضى

أزمة صحية في حلب: غياب أجهزة الرنين المغناطيسي يرهق كاهل المرضى

يعاني المرضى في مدينة حلب من تفاقم الأوضاع الصحية بسبب النقص الحاد في أجهزة الرنين المغناطيسي في المستشفيات الحكومية. هذا النقص يجبرهم على التوجه إلى المراكز الخاصة، حيث تتراوح تكلفة الفحص بين مليون ومليون ونصف مليون ليرة سورية (ما يعادل 100 إلى 150 دولارًا أمريكيًا تقريبًا). هذه التكلفة الباهظة تجعل الفحص بعيدًا عن متناول الكثيرين، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

مروة مصري، وهي من سكان حي الميريديان، احتاجت إلى إجراء فحص رنين مغناطيسي لابنتها البالغة من العمر عامًا واحدًا بسبب مشاكل في الدماغ، لكنها اضطرت لتأجيله بسبب التكلفة المرتفعة. تقول مروة إن الأسعار في المراكز الخاصة تفوق قدرتها المالية، مما أدخلها في حالة قلق مستمر على صحة طفلتها لعدم وجود تشخيص واضح.

تكلفة تزيد من ثقل الأمراض

يواجه يزن العبد الله (45 عامًا)، من سكان “العيس” بريف حلب الجنوبي، وضعًا مماثلًا. كان يحتاج إلى فحص طبي عاجل، لكن ارتفاع التكلفة أجبره على تأجيله، مما جعله يشعر بأن صحته معلقة. بالنسبة لعبد الله، لم تكن المشكلة مالية فحسب، بل إن التنقل والسفر شكّلا ضغطًا نفسيًا إضافيًا عليه، خاصة أنه يعاني من آلام في المفاصل والعمود الفقري.

لا تتوقف الصعوبات عند التكاليف المالية، بل تمتد إلى الوقت والجهد اللازمين للوصول إلى المراكز الخاصة. يضطر العديد من المرضى لقطع مسافات طويلة من أرياف حلب أو أحيائها الطرفية للوصول إلى أقرب مركز تتوفر فيه الخدمة.

من جهته، ذكر رضوان بصمجي (50 عامًا)، أحد سكان حي الجابرية، أنه اضطر لدفع مليون ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 100 دولار أمريكي، لإجراء فحص رنين مغناطيسي بسبب مشكلة في القلب. ورغم أن المبلغ شكل عبئًا ماليًا كبيرًا على أسرته، إلا أنه لم يجد خيارًا آخر سوى اللجوء إلى المركز الخاص، نظرًا لغياب الأجهزة في المستشفيات الحكومية وعدم إمكانية تأجيل الفحص.

“لا خطط حالية”

أوضح مدير الصحة في حلب، محمد وجيه جمعة، لعنب بلدي أنه لا توجد خطط حالية لتزويد المستشفيات الحكومية بأجهزة رنين مغناطيسي، لعدم وجود عقود جاهزة لدى وزارة الصحة في هذا المجال. وبرر التأخير بالعقوبات التي فرضت في السنوات الماضية والتأخر في رفعها، مما أثر سلبًا على قدرة الوزارة على التعاقد مع شركات توريد الأجهزة الطبية. وأشار جمعة إلى عدم وجود أي شراكات أو اتفاقيات مع القطاع الخاص لتسهيل حصول المرضى على الفحوصات بأسعار مخفضة. وفيما يتعلق بالصيانة، أوضح أن ما يجري حاليًا يقتصر على معالجة الأعطال البسيطة التي ترتبط بملحقات الأجهزة، بينما لا توجد عقود صيانة رسمية مبرمة مع الشركات الموردة، مما يعني أن الأجهزة التي تعطلت بشكل كامل لم يعد من الممكن إعادة تشغيلها.

نقص مستمر

تعاني مستشفيات حلب الحكومية منذ سنوات من نقص حاد في الأجهزة الطبية الحديثة، نتيجة تدمير البنية التحتية الصحية والإهمال خلال الحرب، بالإضافة إلى ضعف المخصصات المالية الموجهة لقطاع الصحة. ورغم محاولات إعادة تأهيل بعض المراكز والمستشفيات، إلا أن تجهيزها بقي محدودًا مقارنة بحجم الطلب المتزايد من سكان المدينة وريفها.

يضاف غياب أجهزة الرنين المغناطيسي إلى قائمة طويلة من النواقص تشمل تعطل أجهزة الأشعة، ونقص الأدوية النوعية، وعدم كفاية الكوادر الطبية المتخصصة. هذه التحديات تجعل المرضى أمام خيار اللجوء إلى القطاع الخاص بأسعاره المرتفعة، أو الاستغناء عن الفحوصات الضرورية وتأجيل العلاج، مما يؤدي في كثير من الحالات إلى تفاقم الوضع الصحي.

وكان مدير مستشفى حلب الجامعي، الدكتور إبراهيم أسعد، قد صرح لعنب بلدي بأن المستشفيات تعاني من نقص في توريد المعدات والأجهزة الطبية، التي يعود معظمها إلى أكثر من 15 عامًا دون تحديث، مما يجعلها غير مواكبة للتطورات الطبية الحديثة. وفي هذا السياق، أوضح الطبيب عمر هلالي، المقيم في السنة الثالثة بقسم الأشعة في مشفى الجامعة، أن الأجهزة تعاني من تآكل شديد وتحتاج إلى صيانة عاجلة. وتطرق إلى الإهمال الإداري في صيانة الأجهزة خلال عهد الإدارات السابقة، بالإضافة إلى المشكلات المرتبطة بسوء التمويل، وضعف التنظيم، وانتشار الفساد، مما أسهم في تفاقم أزمة القطاع الإشعاعي داخل المستشفى.

مشاركة المقال: