الخميس, 21 أغسطس 2025 07:41 PM

سوريا ما بعد الأسد: تقرير يكشف جهود الحكومة للقضاء على إرث الكبتاغون

سوريا ما بعد الأسد: تقرير يكشف جهود الحكومة للقضاء على إرث الكبتاغون

سلطت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الضوء على "معركة تفكيك دولة المخدرات الأسدية" داخل سوريا، مشيرة إلى أن النظام البائد ترك وراءه تركة ثقيلة من معامل الكبتاغون وشبكات التهريب. وأوضح التقرير أن الكبتاغون كان يمول نظام الأسد خلال الحرب، حيث كانت هذه الصناعة تدر عليه مليارات الدولارات سنوياً، مما حول سوريا إلى واحدة من أكثر الدول إنتاجاً للمخدرات. وقد عزز الأسد وأقاربه وشركاؤه هذه التجارة بشكل كبير، وكان ماهر الأسد مسؤولاً إلى حد بعيد عن تدفقات الإيرادات غير المشروعة لتمويل الحرب.

ونقل التقرير عن أحمد (اسم مستعار لضابط سابق في جيش الأسد) تأكيده أن صلات النظام بالكبتاغون كانت عميقة، وأن الاتجار به كان منتشراً على نطاق واسع داخل الجيش والميليشيات الموالية للأسد. وأضاف أنه عندما لا يبيعون للجنود، كان الضباط القادة يقدمون الحبوب مجاناً أو يخلطون الكبتاغون في الشاي والكعك قبل العمليات، أو لمساعدة الجنود الذين يعيشون على حصص غذائية هزيلة في صدّ الجوع.

شهدت سوريا تحولاً كبيراً منذ سقوط النظام البائد، حيث شنت الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع حرباً شاملة على المخدرات، بهدف تفكيك الإمبراطورية التي خلفها الأسد. وذكر التقرير أن النتائج كانت سريعة، حيث انخفض إنتاج المخدرات وتهريبها في سوريا بنحو 80%، بحسب "تجار مخدرات وجهات إنفاذ قانون ومسؤولين حكوميين في المنطقة وباحثين".

ومع ذلك، يقاوم المنتجون والمهربون والموزعون عبر الإفلات من الاعتقال والاشتباك مع السلطات واستغلال الفراغات في السلطة في وقت تكافح فيه الحكومة الجديدة لترسيخ سيطرتها على مناطق البلاد الممزقة. وأشار التقرير إلى أن "بدء حرب على المخدرات أسهل بكثير من إنهائها وكسبها، وهذا ما اكتشفته الحكومات الإصلاحية في أمريكا اللاتينية وتكتشفه الحكومة اليوم".

ومن التحديات التي تواجه دمشق أيضاً، أن الطلب لم يتراجع، فالإصدارات الرخيصة من الكبتاغون، والتي ما تزال متوافرة رغم النقص المتزايد في الإمدادات، يمكن أن تُباع بحوالي 30 سنتاً للحبة داخل سوريا، في حين أن النسخ الأعلى جودة يمكن أن تباع بما يصل إلى 30 ضعفاً في الأردن أو السعودية أو الإمارات.

وقالت كارولاين روز رئيسة مشروع تجارة الكبتاغون في معهد New Lines للأبحاث، إن "سقوط نظام الأسد خلق توقعاً لدى البعض بأن تجارة الكبتاغون قد انتهت، لكن إذا كان هناك ما أثبتته الأشهر الثمانية الماضية في سوريا ما بعد النظام فهو أن هذه التجارة غير المشروعة بعيدة كل البعد عن نهايتها". وأضافت أن "التدفق المستمر للمخدرات من سوريا في عهد الأسد أثار غضب جيرانه، وخصوصاً دول الخليج والحبوب المصنوعة في سوريا ظهرت في كل مكان، من حفلات الرياض الصاخبة إلى موانئ أوروبا، مع ضبط شحنات حتى في أماكن بعيدة مثل هونغ كونغ وفنزويلا".

وكانت الحكومة السورية قد صادرت أكثر من 200 مليون حبة كبتاغون منذ بداية العام الجاري حتى الآن، فيما تنشط القوات السورية الجديدة لمكافحة المخدرات في البلاد وتنفذ اعتقالات لتجار بارزين. ويشير التقرير إلى أن أكبر نجاح لتلك القوات كان استدراج واعتقال وسيم الأسد، المتورط في تجارة الكبتاغون، وقال مسؤولون أمنيون سوريون إنه كان بحماية حزب الله وتم إلقاء القبض عليه أثناء محاولته استعادة كمية كبيرة من النقود وسبائك الذهب المخبأة قرب الحدود.

ومع ذلك، وكما هو الحال في أماكن أخرى، غالباً ما يكون أباطرة المخدرات متقدمين بخطوة، فالوحدات الجديدة لمكافحة المخدرات اصطدمت مع موالين للنظام السابق وأشخاص على صلة بحزب الله وميليشيات مدعومة من إيران يسعون للحفاظ على موطئ قدمهم في تجارة المخدرات. وقال مسؤول في وزارة الداخلية بمحافظة دير الزور، إن التهديد الأمني الرئيسي لم يعد يتمثل في مقاتلي تنظيم داعش، بل في الميليشيات العراقية التي لا تزال تدير شبكات الكبتاغون على جانبي الحدود.

وفي مكان قصي من محافظة السويداء جنوباً على مقربة من الحدود الأردنية، واصلت شبكات إجرامية قديمة مرتبطة بنظام الأسد أو بعشائر بدوية عربية إبقاء التجارة نشطة، وقد تمكن المهربون من البقاء جزئياً لأنهم ينشطون في مناطق – بما في ذلك شمال شرق البلاد – حيث لم تتمكن الحكومة الجديدة من فرض سيطرتها، مع اضطرارها للانسحاب من السويداء. ومن التحديات التي تواجه الحكومة أيضاً، استمرار بقاء بعض عناصر حرس الحدود في أماكنهم بسبب نقص الأفراد، وهم الذين كانوا يتلقون أموالاً مقابل السماح باستمرار تدفق المخدرات، وقد تتمكن السلطات في نهاية المطاف من تطهير صفوفها من الجنود والضباط الفاسدين.

يشار إلى أن النظام البائد شكل مع حزب الله ما يشبه المافيات، التي تقوم على دعم سلسلة شبكات تهريب واسعة تستهدف دول المنطقة.

مشاركة المقال: