في خطوة بارزة نحو تعزيز القطاع الصحي في ريف حمص الشمالي، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة السورية ومنظمة "إيمرجنسي الدولية" لإعادة تأهيل وتجهيز المستشفى الوطني في مدينة الرستن، بتكلفة إجمالية قدرها 20 مليون دولار.
أكد الدكتور عبد الكريم غالي، مدير صحة حمص، في تصريح لمنصة إخبارية، أن هذا المشروع يمثل "انطلاقة حقيقية" لتحسين الرعاية الصحية في منطقة عانت طويلاً من الإهمال ونقص الخدمات الطبية. وأشار إلى أن "إعادة تأهيل مشفى الرستن يأتي استجابة لأزمة حقيقية يواجهها السكان، حيث أن صعوبة المواصلات ونقص المستشفيات جعل الحصول على العلاج حلماً بعيد المنال للكثيرين".
أوضح الدكتور غالي أن سكان الرستن كانوا يضطرون للسفر لساعات طويلة إلى مدينة حمص أو مناطق أخرى لتلقي العلاج، مما يشكل عبئاً كبيراً على العائلات، خاصة في الحالات الطارئة والمزمنة. وأضاف: "اليوم، مع انطلاق هذا المشروع، نعد السكان بأن الخدمات الطبية ستكون قريبة ومتاحة، مما سيحسن نوعية الحياة بشكل كبير".
سيتم تنفيذ المشروع على مراحل، تبدأ بإعادة تأهيل البنية التحتية للمستشفى، وتجهيزه بأحدث المعدات الطبية، وتدريب الكوادر الطبية والتمريضية، بالإضافة إلى إنشاء نظام صيانة مستدام لضمان استمرارية العمل بكفاءة عالية. وأكد الدكتور غالي أن الأولوية الاستراتيجية في المرحلة الأولى ستكون لقسم الإسعاف، مشيراً إلى أن الوصول السريع للعلاج في حالات الطوارئ يمكن أن يكون الفرق بين الحياة والموت.
كما نوّه إلى أن تفعيل قسم الطوارئ سيشكل حلاً فورياً للحالات الحرجة، وسيقلل بشكل ملحوظ من معدلات الوفيات الناتجة عن التأخير في نقل المرضى. وأضاف أن القطاع الصحي بحاجة ماسة إلى الدعم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد ونقص الموارد المالية. وأشار إلى أن الشراكة مع منظمات دولية موثوقة مثل إيمرجنسي الدولية تمثل دعماً كبيراً ليس فقط لريف حمص الشمالي، بل يمكن أن يمتد أثره ليشمل مناطق في الريف الجنوبي لحماة.
من المقرر أن يبدأ العمل الرسمي في بداية الشهر التاسع من العام الحالي، وبعد الانتهاء من أعمال الترميم، ستنطلق مباشرة مرحلة التجهيز، ليصبح لدينا مستشفى متكامل مع كوادر طبية مؤهلة. وستتولى المنظمة الإشراف على تدريب الكوادر وضمان جودة الأداء، على أن تنتقل إدارة المستشفى تدريجياً إلى الكوادر المحلية، لضمان استدامة العمل وبناء قدرات وطنية قادرة على قيادة هذه المؤسسة مستقبلاً.
أكد الدكتور غالي أن التنسيق الكامل مع وزارة الصحة سيكون حاضراً في جميع مراحل التنفيذ، وأن الهدف ليس فقط إعادة بناء مبنى، بل بناء نظام صحي فاعل يضمن وصول الخدمة إلى كل محتاج ويعيد الثقة بين المواطن والمؤسسة الصحية. وتشمل المراحل اللاحقة من المشروع تطوير أقسام التوليد وأمراض النساء ورعاية حديثي الولادة، بالإضافة إلى افتتاح عيادات خارجية متخصصة لعلاج الأمراض المزمنة وغير السارية، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
واختتم الدكتور غالي حديثه بالتأكيد على أن هذا المشروع يمثل بداية تحمل أملاً كبيراً، وأن كل مريض يتم إنقاذه، وكل أم تلد بسلام، وكل طفل يعالج دون الحاجة للسفر، يمثل نجاحاً كبيراً. ويُنظر إلى هذا المشروع كواحد من أضخم الاستثمارات الصحية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، ونموذجاً للتعاون الفعّال بين الدولة والمنظمات الدولية لإعادة بناء البنية التحتية الصحية وتقديم رعاية طبية عادلة ومستدامة لجميع السوريين.