السبت, 23 أغسطس 2025 11:47 AM

تجار دير الزور يئنون تحت وطأة ارتفاع إيجارات المحلات في شارع الوادي الحيوي

تجار دير الزور يئنون تحت وطأة ارتفاع إيجارات المحلات في شارع الوادي الحيوي

علي البكيع ـ دير الزور

يشهد شارع الوادي، الذي يُعدّ من أهم المراكز التجارية في مدينة دير الزور بشرق سوريا، أزمة متفاقمة نتيجة الارتفاعات القياسية في الإيجارات الشهرية للمحلات التجارية. فقد وصلت الإيجارات إلى مستويات تتراوح بين 5 و10 ملايين ليرة سورية، بل وتجاوزت في بعض الحالات 120 مليون ليرة. هذا الوضع حوّل الشارع، الذي كان يوصف بـ "شريان التجارة النابض"، إلى ساحة للجدل والقلق لدى التجار والمستهلكين على حد سواء، حيث يرون أن هذه الزيادات الحادة في الإيجارات تنعكس بشكل مباشر على أسعار السلع.

عبء لا يُطاق

يصف التجار الوضع بأنه "كارثي". ويقول التاجر محمد محيي الدين جاويش لنورث برس: "الإيجارات غير منطقية، وهي السبب الرئيسي في تضخم أسعار السلع. البضاعة التي تباع بألف ليرة في مكان آخر، نضطر لبيعها بعشرة آلاف هنا فقط لتغطية الإيجار. الوضع أصبح لا يطاق، والتجار غير قادرين على الاستمرار في أعمالهم". ويضيف أن معظم المحلات المجاورة تعاني من نفس الظروف، مؤكداً على ضرورة تدخل الدولة لوضع سقف للإيجارات، وإلا فإن عدداً كبيراً من المحلات سيضطر للإغلاق قريباً.

من جانبه، كشف التاجر أحمد سليمان عن تجربته الصعبة قائلاً لنورث برس: "اضطررت لترك محلي السابق بعد أن ارتفع إيجاره إلى 12 مليون ليرة شهرياً. اليوم أستأجر محلاً أصغر بخمسة ملايين، وهو ما ساعدني على تخفيض الأسعار نسبياً. لكن العقود قصيرة جداً، ولا تتجاوز ستة أشهر، وهذا يضعنا دائماً في حالة قلق وعدم استقرار". تجربة سليمان ليست فريدة، بل تعكس واقعاً يعيشه العديد من التجار الذين يتنقلون بين المحلات بحثاً عن إيجارات أقل، مما يؤدي إلى فوضى في السوق وزيادة التكاليف التشغيلية.

تفاوت بين القطاعات

لخص التاجر ياسر عمار المشكلة قائلاً لنورث برس: "الإيجارات وصلت إلى مستويات لا يمكن تحملها. أصحاب المطاعم قد يكونون قادرين على دفع 6 ملايين وأكثر، لكن التجار الصغار الذين يبيعون الملابس أو المواد البسيطة لا يستطيعون الصمود. الإيجار المناسب لمثل هذه الظروف يجب ألا يتجاوز مليون ونصف". ويرى العديد من التجار أن هذه التكاليف المرتفعة لا تضر فقط أصحاب المحلات، بل تزيد أيضاً من الضغوط المعيشية على المواطنين، الذين يضطرون لدفع أسعار أعلى نتيجة لتحميلهم جزءاً كبيراً من كلفة الإيجار.

من جهته، أكد المهندس معاذ الحويش أن المديرية تبذل جهوداً لتبسيط الإجراءات وتسهيل عمليات الترميم والإعمار، ويضيف لنورث برس: "لا نفرض أي أعباء إضافية على المواطنين الراغبين بترميم محلاتهم. نمنح الموافقات بشكل مباشر لتقليل التكاليف. كما نتعاون مع المنظمات الدولية مثل الـ UNDP، حيث تم تأهيل نحو 40 محلاً في شارع التكايا مؤخراً". لكن الحويش أعرب عن قلقه من استغلال هذه التسهيلات بشكل عكسي: "بدلاً من أن تخفف هذه الإجراءات عن المواطن، نجد أن بعض التجار يستغلونها لرفع الأسعار والإيجارات، مما يزيد العبء على المواطنين. نحن بحاجة إلى خطة مشتركة بين غرفة التجارة والمحافظة لوضع استراتيجية تحد من هذه الارتفاعات".

ولا يقتصر أثر ارتفاع الإيجارات في شارع الوادي على أصحاب المحلات فقط، بل يمتد إلى:

  • زيادة أسعار السلع المعروضة بشكل مبالغ فيه.
  • إغلاق محتمل لمحلات صغيرة غير قادرة على تغطية النفقات.
  • تراجع النشاط التجاري في أحد أهم الأسواق الحيوية.
  • ضغط إضافي على المواطنين الذين يواجهون أصلاً صعوبات معيشية متزايدة.

ويحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى تفريغ الشارع التجاري من تنوعه، بحيث يقتصر على مطاعم ومحلات كبيرة قادرة على دفع الإيجارات الباهظة، بينما يختفي حضور المحلات الصغيرة والمتوسطة.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: