دمشق-سانا: بأنامل دقيقة ورؤية فنية متفردة، تقدم الشابة السورية روان الحباس مفهوماً عصرياً للجمال الطبيعي من خلال مشروعها الفني المبتكر "رسالة أمل". يرتكز هذا المشروع على دمج فن "التيراريوم" النباتي مع فلسفة التصميم الهادئ، ليثمر عن حدائق مصغرة نابضة بالحياة داخل أوعية زجاجية شفافة، تضفي على المساحات المغلقة شعوراً بالسكينة والتجدد.
في حديثها لمراسلة سانا، أوضحت الحباس أن فن التيراريوم يعتمد على تصميم مناظر طبيعية و حدائق صغيرة داخل حاويات زجاجية، سواء كانت مغلقة أو مفتوحة. وأشارت إلى أن هذا الفن لا يقتصر على كونه عنصراً ديكورياً، بل هو "رسالة بصرية ووجدانية تعيد للإنسان إحساسه بالاتصال بالأرض وتمنحه لحظة سلام في خضم صخب الحياة اليومية".
انسجام التفاصيل ومهارة التكوين
تؤمن الحباس بأن الانسجام هو جوهر هذا الفن، وتولي اهتماماً بالغاً لاختيار التربة، وتوزيع الأحجار، وانتقاء النباتات والزينة، وصولاً إلى الوعاء الزجاجي الذي يحتضن التكوين النهائي. وتستخدم نباتات داخلية مثل "السرخسيات" و"الفيتونيا" لقدرتها على تحمل ظروف البيئة المغلقة، بينما تفضل نبات "البوتوس" في الأحواض المفتوحة لما يتميز به من مرونة وسهولة في العناية، بالإضافة إلى شكله الجمالي الطبيعي.
من الطفولة إلى مشروع نابض بالحياة
يعود شغف الحباس بهذا الفن إلى طفولتها، حيث نشأت في منزل يزخر بالخضرة بفضل رعاية والدها المهندس الزراعي المتخصص في تنسيق الحدائق. هذا الأمر غرس في داخلها حب النباتات، وأوقد لديها حساً فنياً وفضولاً علمياً قادها لاحقاً إلى تحويل هذا الشغف إلى مشروع مشترك مع شقيقتها، يجمع بين التصميم والجمال الطبيعي.
من الديكور إلى الثقافة البصرية
عبرت الحباس عن سعادتها بالتفاعل الإيجابي مع أعمالها، معتبرةً ذلك دافعاً كبيراً للاستمرار. وأوضحت أن البعض يرى في هذا الفن مجرد ديكور جميل، بينما يلمس فيه آخرون طاقة إيجابية حقيقية تضفي عمقاً وروحاً على تفاصيل يومهم. وتطمح الحباس إلى توسيع نطاق مشروعها ليشمل أماكن أوسع مثل المقاهي، والشركات، والساحات العامة، مؤكدةً أن فن التيراريوم قادر على أن يتحول إلى ثقافة بصرية تعزز مفهوم الاستدامة، وتعيد ربط الإنسان بالطبيعة في ظل الإيقاع السريع للحياة العصرية.
حين تنمو الحياة في أضيق الزوايا
في زمن يزداد فيه الابتعاد عن الطبيعة، يبرز التيراريوم كنافذة صغيرة تختزل الجمال وتعيد تشكيل علاقتنا بالبيئة، مؤكداً أن الحياة يمكن أن تنمو حتى في أضيق الزوايا، إذا وجدت الرعاية والاهتمام.