الإثنين, 25 أغسطس 2025 09:16 PM

تقارير رقابية تكشف عن فساد ممنهج في عهد النظام السابق بسوريا

تقارير رقابية تكشف عن فساد ممنهج في عهد النظام السابق بسوريا

تتكشف تباعًا قضايا الفساد التي ارتكبها مسؤولون في النظام السابق في الوزارات والجهات العامة، وذلك مع توالي التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. وكشف وسيم المنصور، نائب رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية في سوريا، يوم الاثنين 25 آب، أن تحقيقات الجهاز أظهرت فسادًا "ممنهجًا" في قطاعات استراتيجية تمس حياة الناس بشكل مباشر خلال حكم النظام السابق.

ونقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عن المنصور قوله إن الفساد ترتبت عليه آثار مالية تجاوزت في التحقيقات الأولية مئات الملايين من الدولارات الأمريكية. ويعرف الجهاز المذكور، حسب مرسوم إحداثه رقم "64" لعام "2003"، بأنه "هيئة رقابية مستقلة ترتبط برئيس مجلس الوزراء، ويهدف إلى تحقيق رقابة فعالة على أموال الدولة ومتابعة أداء الأجهزة التنفيذية الإدارية والاقتصادية لمسؤولياتها من الناحية المالية، ويختص بتفتيش حساباتها ومراقبة إدارة أموالها".

مئات الملفات

وقال المنصور إن الجهاز تسلم مئات ملفات الفساد التي نجمت عنها أضرار جسيمة بالمال العام، وتورط فيها مسؤولون سابقون من حكومة النظام السابق، ما استدعى تشكيل ما يزيد على 80 لجنة تحقيق متخصصة في هذه الملفات. وأظهرت التحقيقات، وفقًا للمنصور، أن الفساد كان منظمًا ومترسخًا في قطاعات لها علاقة مباشرة بمعيشة المواطنين، ما وضع على عاتق الجهاز مسؤولية لكشف الحقائق ومحاسبة المتورطين، ووضع موانع من أجل ضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات في سوريا الجديدة.

في الكهرباء والنفط والإسكان

كشف مصدر في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، لعنب بلدي، أن قضايا الفساد التي أعلن عنها الجهاز المركزي للرقابة المالية تركزت في وزارات النفط والثروة المعدنية والكهرباء والأشغال العامة والإسكان في زمن النظام السابق. وأشار المصدر الذي تحفظ على نشر اسمه، إلى أن هذا الفساد "المنظم والمترسخ" من قبل مسؤولي النظام السابقين ألحق أضرارًا جسيمة بالمال العام.

ويتكون الجهاز من إدارات فنية متخصصة في الرقابة على القطاع الإداري، والاقتصادي، وعلى صكوك العاملين، وإدارة متخصصة في الشؤون القانونية والتحقيق، ويمارس اختصاصاته على الوزارات والإدارات العامة والهيئات ذات الطابع الإداري، والشركات والمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي، والجهات التي تتلقى إعانات من الدولة أو تسهم الدولة في رأس مالها.

ليس الأول

المنصور الذي تولى منصب رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية عقب سقوط النظام السابق، ويتولى حاليًا منصب نائب رئيس الجهاز، قال في تموز الماضي، إن الجهاز أجرى تحقيقات كشفت عن وجود تجاوزات جسيمة في بعض الجهات العامة، تورط فيها عدد من المسؤولين السابقين في "استغلال النفوذ وتلقي رشى والإضرار بالمال العام". وأضاف المنصور حينها، أن من بين المتورطين، الأمين العام السابق لرئاسة مجلس الوزراء ق.خ، والمدير العام السابق للمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية أ.أ.ف، ومدير مديرية أنظمة الدفع الإلكتروني في مصرف سوريا المركزي ع.ر.

واستند التحقيق وفقًا للمنصور، إلى تقارير تمهيدية أعدها الجهاز بعد مراجعة شاملة للوثائق والمعطيات وجمع الأدلة من مصادر متعددة، حيث بلغ حجم الضرر في المال العام أكثر من نصف مليار دولار، وتم ذلك في ظروف تفتقر إلى الشفافية وتخالف القوانين والأنظمة. ولفت المنصور إلى أنه تمت إحالة الملفات والمتورطين إلى النيابة العامة المختصة التي باشرت اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

في قطاع الطاقة

كشفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن واحدة من أبرز قضايا الفساد في قطاع الطاقة، تورط فيها وزير النفط والثروة المعدنية الأسبق، وتسببت بحرمان السوريين من نحو 10500 أسطوانة غاز يوميًا خلال عام ونصف العام، وفقًا لما ذكرته الوكالة السورية للأنباء سانا بداية آب الحالي. وقال نائب رئيس الهيئة، عصام الخليف، إن الوزير الأسبق أوقف أعمال الصيانة في منشأة غازية متضررة ببادية حمص، رغم تعاقد رسمي مع شركة فنية مختصة، ما أدى إلى استمرار تسرب الغاز وإشعاله تفاديًا للتلوث، دون الاستفادة منه في توليد الكهرباء أو الاستخدام المنزلي. وبلغت الكمية المهدورة أكثر من 46 مليون متر مكعب، بخسائر قاربت 4.65 مليون دولار، إضافة إلى أضرار مالية بسبب تغير سعر الصرف، بينما قال مدير العلاقات العامة في الهيئة، مؤيد حمادة/ إن الهيئة ماضية في فتح جميع ملفات الفساد العالقة منذ ما قبل التحرير، مؤكدًا أن "المال العام هو حق للمواطن، ولن يكون أحد فوق المحاسبة". وتمّت إحالة الوزير الأسبق إلى القضاء المختص بموجب قانون العقوبات الاقتصادي رقم "3" لعام 2013، مع إصدار قرار بالحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته المنقولة وغير المنقولة.

مشاركة المقال: