كشف حاكم مصرف سوريا المركزي، الدكتور عبد القادر حصرية، في لقاء متلفز عبر "الإخبارية السورية"، عن تفاصيل حول قضية "تغيير العملة" السورية، وقدم موجزاً عن استراتيجية المصرف المركزي في الفترة القادمة.
ووصف حصرية تغيير العملة بأنه "علامة تحررنا المالي بعد تحررنا السياسي وسقوط النظام في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024"، مضيفاً "نحن ليرتنا حتكون علامة حريتنا"، وأنها ستكون رمز الجمهورية الثانية في سوريا، التي بنتها الثورة، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن رؤيته منذ توليه منصب حاكم المركزي، في 7 نيسان الفائت، تتمثل في العمل وفق المعايير العالمية، والاندماج في النظام العالمي، وذلك لأول مرة في تاريخ سوريا، حسب قوله. وأضاف أن النقطة الثانية التي تم التركيز عليها في الشهور الماضية هي تحقيق الاستقرار في سعر الصرف، مشيراً إلى أنه منذ التحرير (سقوط نظام الأسد) تحسن سعر صرف الليرة بنسبة تتراوح بين 30 و 35%.
وفي سياق حديثه، ذكر حصرية أن الاقتصاد السوري استورد سيارات خلال الشهور الماضية بقيمة تتراوح بين 3.5 و 4 مليار دولار.
وتحدث حصرية عن أن لدى المصرف المركزي استراتيجية للفترة القادمة تتكون من ثلاث ركائز: الأولى هي طباعة العملة الجديدة، والثانية هي إصلاح القطاع المصرفي، وهو ما يتم العمل عليه حالياً. أما الركيزة الثالثة فهي ترخيص مصارف جديدة، عربية وأجنبية، في سوريا.
وأوضح حصرية أن عملية طباعة العملة ستكون طويلة وتمر بعدة مراحل: التصميم، التأصيل، صناعة الورق، والمزايا الأمنية، ثم عملية الطباعة والتنمير للعملة، والشحن. ولم يوضح حصرية المرحلة التي وصلتها خطة طباعة العملة، لكنه أشار إلى أنه تم العمل على التصميم.
وركّز بالمقابل على الجانب اللوجستي في توزيع العملة لاحقاً، وإطلاق حملة توعية، بالتعاون مع مختلف شبكات التوزيع الممكنة، من فروع للمركزي، ومصارف خاصة وعامة، وكذلك محلات الصرافة المرخصة.
وأشار حصرية إلى تقرير "رويترز" الذي تحدث عن تغيير العملة قبل أيام، موضحاً أنه تم الحديث عن "سبع مصادر وتسريب"، ومضيفاً أنه لا يوجد شيء سري، حيث يتم الاجتماع مع مسؤولي المصارف، ويجري التحضير مع الشركاء في مؤسسات الدولة السورية، للوصول إلى برنامج يتم إعلانه للجمهور، لا يتضمن نوايا بل قرارات وخطة.
وأكد حصرية الخبر المتداول عن حذف صفرين من العملة الجديدة مقارنة بالعملة الحالية، مشيراً إلى أنه لن يؤثر على قيمة العملة، فـ 100 ليرة ستصبح 1 ليرة، و10 آلاف ليرة ستصبح 100 ليرة، واصفاً إياها بأنها عملية حسابية ونفسية تتطلب حملة توعية سيتم إطلاقها بالفعل، وسيتم توزيع "بوسترات" واستخدام "السوشال ميديا" لشرح العملية بأكملها.
وأوضح حصرية أنه سيكون هناك مصدرين أو ثلاثة للعملة الجديدة، وستكون في ست فئات، بمواصفات أمنية عالية، مشيراً إلى وجود دفتر شروط، وأنه من المتوقع طرح مناقصة لطباعة العملة. وقال حصرية إنه كما كان سابقاً، حين طبعت الـ 100 ليرة في هولندا، والـ 5 ليرات في باكستان، كان هناك تنويع بالمصادر، وسيتم الآن اتباع نفس الاستراتيجية أيضاً، من حيث تنويع مصادر طباعة العملة.
وأكد حصرية أنه لن تحدث زيادة للكتلة النقدية، وأنه لن يكون هناك طباعة على المكشوف، وأن ما سيحدث هو استبدال للكتلة النقدية الموجودة، مشيراً إلى أن التضخم يحصل بسبب الكتلة النقدية الزائدة، وهو ما لن يحدث هذه المرة، وفق قوله.
وتحدث حصرية عن حالة انضباط مالي يتم العمل بموجبها، وتنسيق مع وزارة المالية، واتفاق على استقلالية المركزي السوري، وأنه لن يكفل أي قرض خارجي للحكومة، حسب وصفه.
وأشار حصرية إلى أنه ستكون هناك مهل قانونية لتبديل العملة، حين طرح الجديدة منها، دون تحديد المدد المتوقعة لهذه المهل.
وأوضح حصرية أنه لن يكون على العملة الجديدة أية رموز، في إشارة إلى شخصيات النظام السابق، كما أكد أن اسمها سيبقى ليرة، لكنها قد تحمل اسم "ليرة جديدة"، لتمييزها حسابياً أثناء عملية التبديل عن الليرة الحالية.
وأكد حصرية على حرص المركزي على استقرار القوة الشرائية للسوريين، وعلى نيل ثقتهم، مشيراً إلى أن استقرار المعدل العام للأسعار هو هاجس مسؤولي المركزي، وفق وصفه.
ومن حيث الإجراءات التي يتم العمل عليها لكسب ثقة المستثمرين في سوريا، قال حصرية إنه سيتم العمل لضمان قدرة المستثمرين على تحويل أرباحهم لخارج سوريا، عبر آلية سلسة، حالما يقدم المستثمر ما يفيد بأرباحه ودفعه للضرائب.
ولفت حصرية إلى أنه يتم العمل الآن لإصلاح نظام المصارف، بغية استعادة ثقة السوريين بها، مشيراً إلى أن لدى المركزي هدف استراتيجي، بأن يكون لدينا تاريخ نستطيع أن نقول فيه، أنه "بالغ ما بلغت ودائعك، أنت قادر أن تسحبها".
وألمح إلى أنه تم تطبيق ذلك على الودائع بعد تاريخ 7 أيار الفائت، ويجري العمل للوصول إلى وضع يتيح حرية سحب وتحويل الأموال في المصارف، دون أية قيود.
وأقرّ حصرية بأن القيود على السحوبات أمر غير مقبول، وأن المصارف يجب أن تكون رمزاً للثقة.