الثلاثاء, 26 أغسطس 2025 10:18 AM

بين مطرقة الحكومة وسندان التهريب: سوق البالة في دمشق يصارع للبقاء

بين مطرقة الحكومة وسندان التهريب: سوق البالة في دمشق يصارع للبقاء

نورمان العباس ـ دمشق

في منطقة الإطفائية بدمشق، ينتشر سوق البالة على طول جانبي الطريق، حيث تكتظ المحلات والبسطات بالملابس المستعملة. وقد أصبح هذا السوق وجهة رئيسية للسوريين الذين يبحثون عن بديل بأسعار معقولة للملابس الجديدة، خاصة في ظل الارتفاع المستمر في الأسعار.

وعلى الرغم من جهود الحكومة للحد من هذه التجارة ومنع استيراد الملابس المستعملة منذ بداية شهر آذار الماضي بهدف حماية الصناعة المحلية، إلا أن سوق البالة لا يزال مزدهراً، مدفوعاً بالتهريب والإقبال المتزايد من قبل المواطنين.

يؤكد تجار السوق أن هناك طرق تهريب متعددة، بما في ذلك عبر لبنان وسرمدا واللاذقية، مما يسمح بتدفق البضائع على الرغم من الحظر الرسمي. ويقول التاجر عبد الله أبو عطا لنورث برس إن "أسعار البالة انخفضت بعد التحرير، لكن الإقبال عليها يرتبط بحجم الرواتب"، مشيراً إلى أن الملابس المستعملة تبقى خياراً للمواطنين ذوي الدخل المحدود.

من جانبه، يرى التاجر سامي العمر في تصريحات لنورث برس، أن "البالة لا يمكن منعها، لأنها رخيصة والناس بحاجة إليها"، مؤكداً استمرار التجار في بيعها حتى في ظل التضييق الحكومي.

أسعار في متناول البعض

تختلف أسعار البالة حسب الجودة، حيث يتراوح سعر القميص بين 10 و25 ألف ليرة، بينما قد تصل بعض القطع الأوروبية إلى 50 ألف ليرة، مقارنة بأسعار الملابس الوطنية التي قد تتجاوز 100 ألف ليرة. ويشير التجار إلى أن جزءاً من البضائع المعروضة حالياً مصدره مخازن قديمة تم إفراغها في السوق بعد سقوط النظام، مما أثر على جودة المعروض.

يشكو التجار من تضييق غير مسبوق. ويقول غسان طباع، أحد أقدم العاملين في السوق، لنورث برس إنه تلقى مخالفة تجاوزت 3 ملايين ليرة بسبب بسطة صغيرة، متسائلاً: "كم قطعة يجب أن أبيع لدفع هذه الغرامة؟". ويؤكد أن منع السوق دون توفير بديل سيؤدي إلى تسريح العمال وتشريد الأسر، مطالباً بتنظيم السوق بدلاً من إغلاقه.

معركة بين الحاجة والتنظيم

انقسم الزبائن في تقييمهم للبالة. وترى إيمي البدوي في حديث لنورث برس، أنها "أصبحت أرخص وجودتها أفضل من قبل، وهي البديل المناسب عن الأسواق الراقية باهظة الثمن".

في المقابل، تجد إيمان بيطار أن أسعار الملابس الجديدة اليوم تقارب أسعار البالة، مما يجعلها خياراً أفضل. أما نوال فتقول لنورث برس، إن "البالة لم تعد تقدم بضاعة جيدة"، مفضلة الاتجاه نحو الملابس الجديدة.

بين قرار الحظر الرسمي والواقع الاقتصادي الذي يضغط على المواطنين، يبقى سوق البالة مساحة جدلية بين الحكومة والتجار والمستهلكين. فبينما تعتبره السلطات تهديداً للصناعة الوطنية، يراه السوريون متنفساً ضرورياً في ظل ضعف القدرة الشرائية وارتفاع أسعار الملابس الجديدة.

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: