الخميس, 4 سبتمبر 2025 06:36 AM

تكريم طلال سلمان: رمز الصحافة الحرة يُخلّد في شمسطار بإطلاق اسمه على مركز صحي

تكريم طلال سلمان: رمز الصحافة الحرة يُخلّد في شمسطار بإطلاق اسمه على مركز صحي

في بادرة وفاء لذكرى الراحل طلال سلمان، عملاق الكلمة والقلم، أقامت مؤسسة "عامل الدولية" حفل تأبين وتكريم في شمسطار. وقد تضمن الحفل إطلاق اسم الراحل على مركز الرعاية الصحية الأولية التابع للمؤسسة في البلدة.

رعى الحفل الدكتور كامل مهنا، رئيس المؤسسة، بحضور حشد من الشخصيات العامة، وأفراد عائلة الراحل، ورفاق دربه، وفاعليات طبية واجتماعية، في تعبير صادق عن تقديرهم لمسيرة طلال سلمان الإعلامية المميزة.

اختيار شمسطار لم يكن صدفة، بل يمثل تجسيداً للجذور والانتماء، وربطاً لمسيرة العطاء الوطني بمختلف المناطق اللبنانية. وقد أكد الحضور المميز، الذي ضم رئيس بلدية شمسطار، ورئيس اتحاد بلديات غرب بعلبك، ورئيس جمعية "أطفال الصمود"، وأصدقاء الراحل وعائلته، وممثلي الهيئات الأهلية، على المكانة الرفيعة التي كان يحظى بها طلال سلمان، "صوتاً للذين لا صوت لهم".

انطلق طلال سلمان من أحلام العروبة والهم القومي والقضية الفلسطينية، ودخل عالم الصحافة في الخمسينات بعزيمة وإصرار. لكن إنجازه الأبرز كان إطلاقه جريدة "السفير" عشية الحرب الأهلية اللبنانية في 26 آذار 1974، والتي حملت في عددها الأول مقابلة مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، لتعلن بذلك عن توجهها وانحيازها الواضح.

لم تكن "السفير" مجرد صحيفة يومية، بل مشروعاً فكرياً وثائقياً. وقد جسد شعاراها: "صوت الذين لا صوت لهم" و"جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان" هويتها التي التزمت بها طوال مسيرتها. وارتبطت هويتها البصرية بـ "الحمامة البرتقالية" التي جمعت بين برتقال يافا وروح بلاد الشام.

كانت افتتاحية طلال سلمان اليومية حدثاً ينتظره القراء والمحللون، لما قدمته من قراءة ثاقبة ومعمقة للشأنين اللبناني والعربي، وتحولت إلى مرجع لفهم تعقيدات المرحلة. كما فتحت "السفير" صفحاتها لأبرز الأقلام العربية من مختلف التيارات الفكرية، مثل ياسين الحافظ وعبد الرحمن منيف وسعد الله ونوس وطارق البشري، مؤكدةً دورها كمنبر للحوار الحر والنقدي.

لم تكن مواقف سلمان بمنأى عن الخطر، فقد دفع ثمناً غالياً لمواقفه الوطنية، وتعرض لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت في تموز 1984، ونجا منها بندوب غائرة. كما استهدف منزله ومطابع الجريدة بتفجير إرهابي في تشرين الثاني 1980، في محاولة لإسكات صوته.

بعد 42 عاماً من العطاء، توقفت "السفير" عن الصدور في نهاية 2016 بسبب الصعوبات المالية، لكن إرث طلال سلمان استمر من خلال زاويته الشهيرة "على الطريق" عبر موقعه الإلكتروني، الذي لا يزال يحمل اسمه، ليظل منبراً للفكر الحر.

ترك طلال سلمان إرثاً غنياً، وسجلاً حياً لتاريخ المنطقة وقضاياها، من أبرز مؤلفاته: مع فتح والفدائيين (1969)، ثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984)، حجر يثقب ليل الهزيمة (1992)، الهزيمة ليست قدراً (1995)، وعلى الطريق.. عن الديمزقراطية والعروبة والإسلام (2000)، وسقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004).

بعد عامين على رحيله، يبقى طلال سلمان حاضراً في ضمير كل من يؤمن بالكلمة الحرة والصحافة الملتزمة. وتكريمه بوضع اسمه على مركز صحي هو تأكيد على أن إرثه الإنساني والوطني سيظل يعالج جروح الناس ويرعاهم، كما عالجت كلماته جروح الأمة لعقود.

رحم الله طلال سلمان، القامة الوطنية العالية، الذي جعل من الحبر سلاحاً، ومن الورقة وطناً.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: