الإثنين, 1 سبتمبر 2025 06:37 AM

عدنان الشيخ عثمان: رحلة خطاط سوري من حمص إلى العالمية

عدنان الشيخ عثمان: رحلة خطاط سوري من حمص إلى العالمية

دمشق-سانا: يُعتبر الخطاط عدنان الشيخ عثمان قامةً بارزة في عالم الخط العربي، حيث حقق إنجازات دولية مرموقة منذ نعومة أظفاره، وذلك بفضل شغفه بالفن العربي الأصيل ومهاراته الاستثنائية.

تميزت مسيرة الشيخ عثمان بإصراره على التعلم الذاتي، وتفانيه في تطوير قدراته الفنية والحرفية، مما جعله أحد أبرز الخطاطين في سوريا والعالم العربي.

مراحل إنتاج اللوحة

عندما يشرع الشيخ عثمان في كتابة اللوحة الخطية، تتجسد في ذهنه الفكرة الأولية، وهي اختيار الكلمات والنص المراد كتابته، وتحديد نوع الخط الذي يتناسب مع الكلام. ويصف ذلك بأنه محاولات الخطاط للانتقال من قراءة النص إلى ترجمته على الورق، مع التأكيد على أن بعض الخطوط تلائم مواضيع معينة أكثر من غيرها، تبعاً لطبيعة كل خط. فعلى سبيل المثال، يتميز خط الثلث بالتشبيكات والإضافات وحركات الزينة، بينما يتميز خط الرقعة بالبساطة والترتيب.

كيف تبدأ اللوحة عند الشيخ عثمان

كل لوحة يرسمها الشيخ عثمان تمثل حالة فريدة بحد ذاتها، يمر خلالها بمراحل متعددة تتراوح بين الارتجال المباشر والتصوير المسبق للعمل. وفي بعض الأحيان، يقوم بدراسة التكوين، خاصة عندما تكون اللوحة فنية. أما عند كتابة لوحات مثل عناوين الصحف، فإنه يركز على السرعة في الإنجاز.

تعلم الخط بنفسه وشغف بالتجويد والإنشاد

في المرحلة الابتدائية من عمره، كان شغوفاً باللغة العربية، حيث نظم الشعر وكتب النثر، وحقق المراكز الأولى خلال سنوات الدراسة. وفي تلك الفترة، ظهر اهتمامه بالفقه والتجويد، حيث تتلمذ على كبار مشايخ حمص واستمع إلى كبار قراء القرآن الكريم والمنشدين وتأثر بهم، بالإضافة إلى ما تلقاه من والده في هذا المجال.

لم يكن للشيخ عثمان معلم في الخط العربي، بل تعلمه بنفسه، ويرى أن لهذا الأمر إيجابيات وسلبيات. فالإيجابية هي أن الخطاط يكتسب شخصية مستقلة غير تابعة لأحد، لأن المعلم قد يلزمه بطريقة محددة. أما السلبية فهي إطالة أمد التعلم، حيث يضطر إلى تجربة كل شيء بنفسه. ومع ذلك، درس الشيخ عثمان بتعمق لوحات خطاطين كبار دون أن يتتلمذ على أيديهم أو يلتقي بهم، مثل محمد بدوي الديراني، مؤسس المدرسة الشامية، وعبد الهادي زين العابدين، وهاشم محمد البغدادي، الذي كان كتابه "كراسة قواعد الخط العربي" المرجع الوحيد للشيخ عثمان في بداياته في هذا الفن الجميل.

الشيخ عثمان، الذي استقى فنون الزخرفة من والده الذي كان يعمل في رسم الزخارف، اعتمد على العصامية في تعلم قواعد الخط العربي بأصوله وحيثياته وجزئياته بكل أنواع الخطوط العربية، من الرقعة والفارسي والديواني والديواني الجلي والثلث والإجازة والكوفي المسطر، حيث عايش تلك الخطوط فعلياً من خلال التلمذة غير المباشرة وقراءة المراجع والكراريس.

13 جائزة عالمية في جعبة الخطاط الشيخ عثمان

شارك الشيخ عثمان في المسابقة الدولية الأولى لفن الخط العربي في تركيا، وهو في عمر الـ 27 عاماً، حيث أحرز الجائزة التقديرية. وبعدها توالت مشاركاته ليحصد 13 جائزة دولية، معظمها بالمركز الأول، آخرها عام 2007 عندما شارك بمسابقة الخط في تركيا ونافس فيها 1000 خطاط من جميع أنحاء العالم، وأحرز الجائزة التقديرية في الثلث والنسخ.

أهم ما يميز الخط العربي في سوريا والمدرسة الشامية وسر تفردها وتفوقها

يلفت انتباه الشيخ عثمان خلال حديثه لسانا أن الخطاطين السوريين يحملون المركز الأول في مجموع مسابقات الخط العربي الدولية، يليهم نظراؤهم في العراق ثم مصر ثم تركيا. ويرجع الشيخ عثمان تفوق الخطاطين السوريين لطبيعة الإنسان السوري الطيبة الذي يحب الجمال ويميل للتنوع، ولا يتزمت لرأي أو مدرسة أو لأستاذ، كما حال نظرائه في العراق وتركيا، ويشير في هذا الصدد إلى الخطاط محمد فاروق الحداد الذي تتلمذ على يديه وحصد 55 جائزة دولية معظمها المركز الأول وهذا فخر ليس لسوريا فقط بل لكل العرب.

الخط حرفة أم فن

يرى الشيخ عثمان أن الخط يحمل في بعض الأحيان كلا الجانبين معاً، أو من الممكن أن يقتصر على جانب واحد. والخط العربي برأيه حرفة إذا اعتبرناه حرفة، وفن إذا اعتبرناه فن، والدليل الأستاذ الكبير محمد بدوي الديراني والأستاذ عبد الهادي زين العابدين وكل الخطاطين الكبار يحملون الجانبين معاً، وكل واحد منهم فنان وحرفي في الوقت ذاته، حيث اتخذوا الخط حرفة لأن فيه فائدة مادية، فالقضية ليست هذا التصنيف الذي ينادى به والخطاط الفنان يكون فناناً أينما وضعته.

طموحه الذي يريد تحقيقه

يتمنى الشيخ عثمان، وهو في العقد السادس من عمره، أن يترجم ما حصل عليه الخطاطون السوريون في المحافل الدولية باحتلال المراكز الأولى على أرض الواقع في وطنهم، تقديراً واعترافاً بجهودهم وأن يوضعوا في أماكنهم الصحيحة، وينالوا حقوقهم في بلدهم الحبيب سوريا.

وختم الشيخ عثمان بأبيات من نظمه وفيها إشارة إلى بعض أعلام سوريا الراحلين وإلى تفوق خطاطي سوريا في المحافل الدولية:

ثلث الخطوط حدائق الأحداق

شهد يطيب لنخبه الأذواق

بدوي وهاشم والكبار جميعهم

ذرفوا البكاء لضاحك الأوراق

يشار إلى أن الخطاط شيخ عثمان من مواليد حمص عام 1959، عمل مدرساً لفنون الخط العربي في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، وهو نموذج للخطاط العالم الذي يجمع بين الأصالة والحداثة ويؤكد أن فصاحة اليد تكمل فصاحة اللسان.

مشاركة المقال: