الإثنين, 1 سبتمبر 2025 09:09 PM

الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط: توقعات بازدهار اقتصادي بحلول 2030 وتحديات تواجه سوق العمل

الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط: توقعات بازدهار اقتصادي بحلول 2030 وتحديات تواجه سوق العمل

تتوقع مؤسسة Pricewaterhouse Coopers (PWC) أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً اقتصادياً محورياً في منطقة الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن يضيف حوالي 320 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بحلول عام 2030. وتمثل هذه الطفرة الرقمية فرصة مهمة لدول المنطقة لإعادة تنظيم اقتصاداتها وتحقيق تطورات كبيرة في الإنتاجية والكفاءة التشغيلية.

توزيع المكاسب الاقتصادية

تشير البيانات إلى أن المكاسب لن تتوزع بالتساوي بين الدول. فمن المتوقع أن تتصدر السعودية المشهد بمساهمة تصل إلى 135.2 مليار دولار (12.4%)، تليها الإمارات بـ 96 مليار دولار (13.6%)، ثم مصر بـ 42.7 مليار دولار (7.7%)، بينما ستساهم بقية دول الخليج – البحرين والكويت وقطر وعمان – بنحو 45.9 مليار دولار (8.2%). ويعكس هذا التوزيع حجم الاستثمارات الحالية في البنية التحتية الرقمية واستراتيجيات التحول الرقمي في كل دولة، بالإضافة إلى اختلاف درجة استعداد القطاعات الاقتصادية لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كيف ستتحقق هذه القيمة الاقتصادية؟

أوضح خبير التحول الرقمي رامز القارا في حديث لـ”النهار” أن هذه المليارات لن تأتي على شكل استثمارات مباشرة، بل ستنتج من تقليل التكاليف وتحسين الإنتاجية في مختلف القطاعات. وأضاف: “على سبيل المثال، من المتوقع أن تنخفض كلفة إدارة العمليات الإدارية والأتمتة في المؤسسات الحكومية بما يقارب 30%، وهو ما سيوفر مليارات الدولارات. وفي القطاع الصحي، يتيح الذكاء الاصطناعي تقنيات تشخيصية متقدمة توفر كلف الأطباء والكوادر الصحية، وتسهم في تسريع الخدمات الطبية بكفاءة أكبر”.

كما أكد على دور الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي وقطاع الطاقة، قائلاً: “شركات كبرى مثل أرامكو باتت تعتمد على الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأعطال المحتملة في المعدات، ما يساعد على تجنب خسائر قد تصل إلى ملايين الدولارات يومياً، ويطيل عمر الأصول التشغيلية”.

تحديات سوق العمل: فقدان ووظائف جديدة

على الرغم من الفرص الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، حذر رامز القارا من أن هذه الثورة التكنولوجية ستؤدي إلى استبدال العديد من الوظائف التقليدية. إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذه الخسارة ستعوضها فرص عمل جديدة في مجالات تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، تشغيلها، صيانتها، وإدارة بياناتها، إضافة إلى الوظائف القانونية والتنظيمية المرتبطة بوضع التشريعات والسياسات الخاصة باستخدام هذه التقنية.

الأطر التنظيمية واستراتيجيات التحول

تشهد المنطقة العربية جهوداً متسارعة لوضع إطار تنظيمي متكامل لإدارة البيانات والذكاء الاصطناعي. ففي السعودية، تلعب الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) دوراً محورياً في قيادة هذه الجهود، إلى جانب مبادرات مثل المكتب الوطني لإدارة البيانات (NDOMO)، الذي يتوقع أن يشكل مرجعاً وطنياً لإدارة البيانات وتوجيه استخدامها بما يتماشى مع معايير الأمن السيبراني والتنمية المستدامة.

هل يغير الذكاء الاصطناعي نمط الحياة والعمل؟

يرى رامز القارا أن هذه التحولات قد تقود إلى إعادة هيكلة منظومة العمل التقليدية، مستشهداً بما حدث خلال الثورة الصناعية. “حينها، أدى التقدم التكنولوجي إلى تقليل ساعات العمل وزيادة رفاهية الإنسان. واليوم، قد نشهد نموذجاً مشابهاً، إذ تصبح أيام العمل أقل – ربما أربعة أو ثلاثة أيام أسبوعياً – مع تركيز أكبر على جودة الحياة والإنتاجية الذكية”.

استنتاجات مستقبلية

يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة استثنائية لدول الشرق الأوسط لتنويع اقتصاداتها وزيادة تنافسيتها عالمياً. غير أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية، التعليم، وإعادة تأهيل القوى العاملة لتتكيف مع التحولات الجديدة. كما يستدعي الأمر تعاوناً وثيقاً بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير تشريعات مرنة وتدريب جيل جديد من الكفاءات المتخصصة.

وبينما يبدو الطريق محفوفاً بالتحديات، فإن قدرة المنطقة على تحقيق توازن بين التكنولوجيا والإنسان ستكون العامل الحاسم في تحويل هذه التوقعات إلى واقع اقتصادي ملموس بحلول 2030.

باولا عطية - أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: