فتاح عيسى – كوباني
في ورشة متواضعة بمنطقة الصناعة في مدينة كوباني، يكرس الشاب رشاد محمد وقته وجهده لتحويل قطع الحديد والخردة إلى نماذج مصغرة نابضة بالحياة لآليات وطائرات. وسط ضجيج المحلات المزدحمة، يقع محل رشاد الصغير، الذي لا يقتصر دوره على الحدادة وإصلاح الآليات الثقيلة، بل هو ورشة إبداعية تحول الخردة إلى سيارات، وجرارات، ودراجات نارية، وحفارات آبار نموذجية، وحتى طائرات بأجنحة دقيقة.
ما يميز رشاد هو قدرته على الجمع بين صلابة الحديد ورقة الفن. فهو يمزج بين قسوة المهنة وروح الخيال، ليقدم صورة فريدة عن كيفية تحول الهواية إلى بصمة فنية تحمل روح صاحبها.
بداية الموهبة
يقول رشاد محمد (42 عاماً)، في حديث لنورث برس، إنه أحب مهنة الحدادة منذ طفولته. بعد أن درس حتى الصف الخامس، طلب من والده أن يفتح له محلاً لتعلم وممارسة الحدادة والخراطة. ويضيف محمد أن شغفه بالآليات بدأ عندما كان يشاهد الجرارات والحصادات في ريف كوباني، ويراقب الحفارات أثناء حفرها للآبار، مما دفعه إلى دراسة هذه الآليات وفهم كيفية عملها ومكوناتها.
ويتذكر محمد أن والده استجاب لطلبه وفتح له محلاً، حيث بدأ بتعلم صناعة وتصليح الآليات الكبيرة. تدريجياً، وخلال السنوات الماضية، بدأ في أوقات فراغه بصناعة وتصميم نماذج مصغرة لهذه الآليات.
تفاصيل الصناعة
أفاد رشاد محمد بأنه صنع حتى الآن ما يقارب أربعين آلية، بما في ذلك الجرارات، والحفارات، والدراجات النارية، والطائرات. وأوضح أن صناعة هذه النماذج المصغرة تتطلب جهداً كبيراً، حيث يبدأ بحفظ صورة الآلية في ذهنه، ثم يبدأ العمل عليها في المحل. فعلى سبيل المثال، لصناعة نموذج طائرة، يبدأ بقص الصاج ثم يركب عليها البيليات بعد قشطها وخرطها.
ويشير محمد إلى أن صناعة هذه النماذج مكلفة وتتطلب جهداً كبيراً في اللحام، والقص، والتجليخ، والخراطة. وعند انقطاع التيار الكهربائي، يضطر إلى تشغيل المولدة لاستكمال العمل. ويؤكد رشاد أن هدفه من صناعة هذه النماذج هو ممارسة هوايته وعرضها في منزله ليستمتع بها الضيوف والأصدقاء والأقارب.
التمسك بالنماذج
أكد رشاد أنه رفض بيع النماذج التي صنعها، لأنها تمثل هوايته وجزءاً من حياته، ويرغب في وضعها في غرفة الضيوف ليلعب بها أطفاله، لتكون إرثاً لهم. وأشار إلى أنه وضع أعلام إقليم كردستان و "روج آفا" على النماذج تعبيراً عن حبه وانتمائه.
ويذكر رشاد أن هذه النماذج تشبه الآليات الكبيرة الحقيقية، ويستذكر قصة طريفة حدثت معه، حيث أرسل صديق له صورة نموذج الحفارة التي صنعها إلى زبون يرغب في شراء حفارة حقيقية، دون أن يعلم الزبون أنها مجرد نموذج مصغر حتى رآها بنفسه.
الطموحات المستقبلية
يطمح رشاد إلى إقامة معرض لعرض أعماله ليتمكن الناس من رؤيتها والتعرف على طريقة صناعتها، حتى لا يذهب جهده سدى. ويقول إنه يخطط لصناعة المزيد من الآليات في المستقبل، مثل الحصادة، والتركس، وآلية حفر الأرض "الباكرة".
تحرير: معاذ الحمد