الخميس, 4 سبتمبر 2025 01:13 AM

تصعيد في غزة: الجيش الإسرائيلي يتعمق وتجاهل لأوامر الإخلاء

تصعيد في غزة: الجيش الإسرائيلي يتعمق وتجاهل لأوامر الإخلاء

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية إزاحة سكان مدينة غزة بالنار، وذلك بعد أن اتضح له أن نسبة استجابة السكان لأوامر الإخلاء التي تبثها المحلقات على مدار الساعة عبر هواتف المواطنين ومواقع التواصل الاجتماعي، تقترب من الصفر. التجربة أثبتت للغزيين أن من يخرج من بيته لن يعود إليه بسهولة، بعد تجربة 15 شهراً من النزوح المذل في جنوب القطاع ووسطه.

لم يُسجل منذ بداية العملية الإسرائيلية أي خروج طوعي في مناطق التوغل. في عملية الإزاحة هذه، يستخدم جيش الاحتلال أدوات قتل رخيصة وواسعة التأثير، مثل طائرات «الكوادكابتر» التي تطلق القنابل والرصاص، والعربات المفخخة، التي شقت طريقاً من الخراب إلى عمق حي الشيخ رضوان، حيث وصلت الدبابات الإسرائيلية، أمس، إلى قلب الحي المحاذي للمدينة من الجهة الشمالية.

تمركزت إحدى هذه الآليات بالقرب من مسجد سعيد صيام ومربع البركة، ما يشير إلى أن عملية الدخول إلى عمق المدينة وصلت إلى مراحل متقدمة. تقطع دبابات الاحتلال بالنار شارع الجلاء الرئيسي الذي يربط حي الرمال بالأحياء الشمالية الشرقية والغربية للمدينة. السيطرة على «الجلاء» تعني تقسيم أحياء غزة إلى جزءين: شرقي يشهد تدميراً وهدماً واسعاً، وغربي يتركز فيه نحو مليون نازح يرفضون المغادرة.

تتعرض المناطق الشرقية لحي الشيخ رضوان حالياً لعملية هدم ممنهجة. دمر جيش الاحتلال خلال الأسبوعين الماضيين، بواسطة العربات المفخخة، كتلة عمرانية واسعة في حيي الزرقا وأبو إسكندر، وشق طريقاً وسط الخراب أدخل عبره آليات هندسية بدأت بعمليات الهدم الشامل. تعمل هذه الدبابات تحت غطاء ناري مكثف، حيث تتعرض باقي مناطق الشيخ رضوان، بما في ذلك الشوارع الأول والثاني والثالث وقلب الحي، لقصف وإطلاق نار مكثف، بهدف حمل السكان على إخلاء منازلهم بسبب انعدام الأمان وتبدد أي فرصة للبقاء.

عملية احتلال مدينة غزة لم تبدأ فقط، بل قطعت شوطاً كبيراً باتجاه إتمام المرحلة الأولى منها.

بالتوازي مع ذلك، كثف جيش العدو ارتكاب المجازر الجماعية التي تسببت خلال اليومين الماضيين باستشهاد عائلات بأكملها، مثل عائلة الصيفي في حي تل الهوا التي فقدت 11 مواطناً، وعائلة العف في حي الزيتون التي فقدت 20 مواطناً تحت أنقاض منازلهم، وعائلة عفانة في حي الشيخ رضوان. ضاعفت الطائرات المسيرة استهداف تجمعات المواطنين في الشوارع والأسواق ومحيط المستشفيات، بهدف تقليص الشعور بالأمان في مناطق شمال وادي غزة كافة، ما يدفع الأهالي إلى الهروب. ومع ذلك، أدت هذه الإجراءات إلى نزوح عكسي، في حين سجلت صحيفة «هآرتس» نزوح 10 آلاف مواطن فقط من أصل مليون و200 ألف يعيشون في شمال وادي غزة.

تحولت مناطق غرب مدينة غزة وشمالها المدمرة إلى أكبر تجمع للنازحين، بعد مغادرة العائلات من المناطق الشرقية التي تتركز فيها العمليات حالياً، إلى أحياء غرب المدينة، مثل السلاطين والكرامة والنصر ومخيم الشاطئ ومنطقة ميناء غزة. تقدر مصادر محلية أن هذه المناطق يقطنها حالياً نحو 600 ألف نازح.

على الرغم من اشتعال الميدان في مناطق شمال وادي غزة كافة، لم تُسجل حتى اللحظة عملية نزوح جماعية. لكن الإعلام العبري يقدر أنه ابتداء من منتصف أيلول الجاري، ستتضاعف حدة الضغوط التي ستدفع السكان إلى الرحيل الجماعي، بعد أن يتم جيش الاحتلال تطويق المدينة. سيتمثل ذلك في قطع كل مصادر المياه وإغلاق منفذ «زيكيم» الذي تصل من خلاله المساعدات إلى المناطق الشمالية، وإغلاق محور «نتساريم». وعلى الرغم من كل تلك الإجراءات، تقدر مصادر عبرية أن جيش الاحتلال لن ينجح في دفع كل أهالي شمال القطاع إلى النزوح، إذ ستبقى كتلة صلبة من الأهالي يقدر تعدادها بنحو 500 ألف، لا يمتلكون القدرة على النزوح أساساً.

في المحصلة، يجري جيش العدو حصاراً وتطويقاً لمدينة غزة من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية، حيث تتعرض أحياء الشيخ رضوان شمالاً والتفاح شرقاً والزيتون والصبرة جنوباً لعملية تدمير ممنهجة، سمحت بتوغل قوات الجيش ودباباته إلى عمق المدينة، ما يعني أن عملية الاحتلال لم تبدأ فقط، بل قطعت شوطاً كبيراً في اتجاه إتمام المرحلة الأولى منها.

مشاركة المقال: