الخميس, 4 سبتمبر 2025 12:09 PM

كنوز من التاريخ: نور الشوّا يروي حكاية الحضارة السورية من خلال العملات في معرض دمشق الدولي

كنوز من التاريخ: نور الشوّا يروي حكاية الحضارة السورية من خلال العملات في معرض دمشق الدولي

في الدورة الـ62 من معرض دمشق الدولي، تألق الشاب نور الشوّا ضمن جناح وزارة الثقافة، عارضًا مجموعته النادرة التي تحتضن بين طياتها معظم العملات الورقية والمعدنية السورية المتداولة على مر العقود. يؤكد الشوّا أن كل ورقة نقدية تحمل في طياتها قصة فريدة، تسرد جزءًا من تاريخ سوريا وحضارتها العريقة.

يصف الشوّا هوايته بأنها ليست مجرد نزوة عابرة، بل شغف عميق يلازمه منذ نعومة أظفاره. ويقول: "هذه الهواية تحمل في جوهرها ثقافة وحضارة وقيمة استثنائية. منذ طفولتي، جذبتني صعوبة اقتناء العملات النادرة، فكنت ألاحق أي قطعة أجدها وأسعى جاهدًا للحصول عليها، على الرغم من أن بعضها كان باهظ الثمن أو في حالة لا تسمح بالحفظ. العملات القديمة، وخاصة إصدارات عام 1919 المصنوعة من ورق الحرير، تتطلب عناية خاصة تختلف عن العملات الحديثة المصنوعة من القطن أو البوليمار".

يشير الشوّا إلى أن أول إصدار للعملة السورية كان في عام 1919 خلال فترة الاحتلال الفرنسي، حيث طُبعت العملات في بيروت عبر بنك سوريا ولبنان. ويضيف: "في البداية، كُتب عليها ‘لبنان الكبير’، ثم ‘سوريا ولبنان’، قبل أن يتم تخصيص إصدار لكل بلد يحمل اسمه. أما التصاميم الأولى، فقد استُلهمت من معالم سورية بارزة مثل قلعة حلب، تدمر، والناعورة في حماة، لتعكس هوية الدولة وتراثها الغني".

يؤكد الشوّا على أن العملات ليست مجرد وسيلة للتبادل المالي، بل هي وثائق حضارية بامتياز، قائلاً: "العملة تحمل رسائل ثقافية وتاريخية عميقة، فهي وثيقة مصغرة تجسد ملامح الدولة ومعالمها الأثرية. حضارتنا انعكست بوضوح في تصاميم العملات، حتى أن ورقة فئة الـ500 ليرة الصادرة عام 1958 صُنّفت دوليًا كأجمل عملة ورقية في العالم من حيث التصميم".

ويرى أن هذه الهواية تمثل إرثًا يجب صونه والحفاظ عليه: "أتمنى من كل شخص يمتلك عملات ورثها عن والده أو جده أن يحافظ عليها ويسلمها للجيل الذي يليه. هذه القطع ليست مجرد أوراق أو معادن، بل ذكريات وطنية وحضارة لا تقدر بثمن".

ويتابع الشوّا: "جمع العملات ليس بالأمر اليسير، فكثيرًا ما أخسر قطعًا نادرة لصالح هاوٍ آخر، أو أعجز عن شرائها بسبب ارتفاع ثمنها، لكنني أعتبر ذلك جزءًا من متعة الهواية. أحيانًا أعثر على قطعة تنقص مجموعتي، فأبذل جهدًا كبيرًا للحصول عليها، لكنها قد تذهب لغيري، أشعر بالخيبة، لكنني أؤمن أن هذا قَسمة ونصيب".

ويشير الشوّا إلى أن "الاهتمام بالعملات السورية يتجاوز حدود البلاد، فالكثير من الأصدقاء في أوروبا والخليج يطلبون اقتناء العملات السورية لما تحمله من عراقة وجمال في التصميم. هي ليست مجرد أوراق نقدية، بل رسالة حضارية تنتقل من سوريا إلى العالم".

وعن مشاركاته القادمة، يقول الشوّا إنه يطمح إلى توسيع نطاق عرض مجموعته داخل سوريا وخارجها، مؤكدًا أن دول الجوار تبدي اهتمامًا متزايدًا بهذه الهواية، حيث تُنظم معارض يشارك فيها هواة من أوروبا والخليج.

ويختتم حديثه قائلاً: "هواية جمع العملات ليست عادية، بل هي هواية الملوك كما تُسمى. أتمنى أن تحظى بمزيد من الاهتمام الرسمي والشعبي في سوريا، لأنها تحفظ الذاكرة الوطنية وتعكس حضارة بلدنا أمام العالم".

نور الشوّا شاب سوري متخصص بجمع العملات الورقية والمعدنية القديمة. بدأ اهتمامه بهذا المجال منذ طفولته، ونجح على مدى سنوات طويلة في تكوين مجموعة فريدة تضم عملات سورية تعود إلى مختلف الحقب التاريخية، بدءًا من إصدارات عام 1919 وصولًا إلى العملات الحديثة. شارك في معارض محلية ودولية، ويُعد اليوم واحدًا من أبرز جامعي العملات في سوريا، حيث يسعى من خلال هوايته إلى الحفاظ على هذا الإرث ونقله إلى الأجيال القادمة.

مشاركة المقال: