الأربعاء, 10 سبتمبر 2025 10:19 PM

دراسة تكشف: توقيت تخزين حليب الأم يؤثر على مناعة ونوم الرضيع.. نصائح لتخزين مثالي

دراسة تكشف: توقيت تخزين حليب الأم يؤثر على مناعة ونوم الرضيع.. نصائح لتخزين مثالي

منذ اللحظات الأولى لولادة الطفل، يُعتبر حليب الأم الغذاء الأمثل، فهو يجمع بين القيمة الغذائية العالية والخصائص المناعية الفريدة. يحتوي على بروتينات وفيتامينات ومعادن وأحماض دهنية أساسية، بالإضافة إلى مركبات نشطة بيولوجيًا تعزز نمو الطفل وتدعم جهازه المناعي.

في مجال الصحة العامة، تعتبر الرضاعة الطبيعية أساسًا لبناء صحة جيدة للرضيع، حيث تساهم في تقليل معدلات العدوى، وتحسين الهضم، وتعزيز التطور العصبي والمعرفي.

لكن بسبب نمط الحياة الحديث وضغوط العمل، قد لا تتمكن العديد من الأمهات من إرضاع أطفالهن مباشرةً في جميع الأوقات، فيلجأن إلى شفط الحليب وتخزينه لتقديمه لاحقًا.

هنا تثار تساؤلات مهمة: هل يظل حليب الأم مطابقًا في تركيبه وفوائده الحيوية على مدار اليوم؟ وهل يؤثر توقيت تقديمه على إيقاع الساعة البيولوجية للرضيع؟

للإجابة على هذه التساؤلات، أجرى فريق من الباحثين في جامعة "رتغرز" في الولايات المتحدة دراسة حول التغيرات اليومية في تركيبة حليب الأم. ونُشرت النتائج في مجلة "فرونتيرز إن نيوتريشن"، مؤكدة أن الحليب ليس مجرد سائل ثابت المحتوى، بل غذاء ديناميكي يتغير بتغير الوقت.

ركزت الدراسة على إمكانية نقل حليب الأم إشارات بيولوجية إلى الرضيع مرتبطة بإيقاع الساعة البيولوجية، وهو النظام الداخلي الذي ينظم النوم والاستيقاظ والتمثيل الغذائي ووظائف حيوية أخرى.

تكمن أهمية هذه النتائج في أنها تتيح للأمهات فرصة اعتماد استراتيجية بسيطة، وهي وسم الحليب بوقت استخراجه، لمساعدة أطفالهن على الاستفادة المثلى من هذه الإشارات الطبيعية.

للوصول إلى هذه النتائج، جمع الباحثون في الجامعة 236 عينة حليب من 38 أمًا، في أربع فترات مختلفة من اليوم (الصباح، الظهيرة، المساء، منتصف الليل). تم تحليل هذه العينات لرصد مستويات خمسة مكونات أساسية: الميلاتونين، الكورتيزول، الأوكسيتوسين، الغلوبولين المناعي A (IgA)، واللاكتوفيرين.

في حديث إلى "النهار"، قالت الدكتورة ميليسا وورتمن من "رتغرز"، الباحثة الأولى في الدراسة: "الهدف من الدراسة هو معرفة كيف تتغير مكونات حليب الأم، خاصة مع لجوء العديد من الأمهات إلى تقديم الحليب في وقت مختلف عن وقت شفطه، وما إذا كان هذا الاختلاف في التوقيت يؤثر على قيمته للرضيع".

وأضافت: "وجدنا أن مكونات حليب الأم تتغير باختلاف أوقات اليوم، مما يؤكد أنه غذاء حي ومتجدد. لذلك، من المهم التنبه إلى توقيت إعطاء الحليب المستخرج لضمان استفادة الرضيع من إشاراته الطبيعية".

أوضحت وورتمن أن "هرموني الميلاتونين والكورتيزول كانا الأكثر تقلبًا، حيث بلغ الكورتيزول أعلى مستوياته في الصباح الباكر، بينما وصل الميلاتونين إلى ذروته خلال الليل، وهي أنماط تحاكي التغيرات الطبيعية في دم الأم".

وأضافت: "من المحتمل أن تعمل هذه التغيرات كإشارات بيولوجية للرضيع؛ فالميلاتونين والكورتيزول قد يساعدان في ضبط دورات النوم والاستيقاظ، بينما تلعب البروتينات المناعية مثل اللاكتوفيرين وIgA دورًا في إدارة البكتيريا في أمعاء الرضع، مما يساهم في تدريب جهازهم المناعي على التعرف على مسببات الأمراض".

وأشارت إلى أن "الدراسة أظهرت أيضًا أن بعض المركبات المناعية، مثل الغلوبولين المناعي IgA واللاكتوفيرين، كانت أعلى بكثير لدى الأمهات اللواتي لديهن أطفال أقل من الشهر الأول من العمر، مما يشير إلى أهمية إضافية لهذه المكونات في المراحل الأولى من حياة الطفل".

على المستوى العملي، أكدت وورتمن أن "الاكتفاء بكتابة عبارة مثل "صباح" أو "مساء" على زجاجة الحليب المستخرج خطوة بسيطة وفعالة، إذ تتيح للأم التأكد من أن طفلها يحصل على الحليب في التوقيت المناسب لاستخراجه، مما يعزز توافقه مع إيقاعه البيولوجي الطبيعي".

واستطردت: "في عالم اليوم، حيث لا تتمكن الأمهات من البقاء مع أطفالهن على مدار الساعة، فإن ربط وقت تقديم الحليب بوقت استخراجه يمثل خطوة عملية لتعظيم فوائد الرضاعة الطبيعية حتى عند الاعتماد على الحليب المخزن".

وأوضحت أن "الخطوة التالية ستكون البحث في تأثير تغذية الأطفال بالحليب "غير المتزامن" - أي الحليب الذي يقدم في وقت يختلف عن وقت استخراجه - على نموهم وتطور أنظمتهم البيولوجية. فمعرفة استجابة الرضع لهذه الاختلافات ستكون أساسية لفهم الأبعاد العملية لاستخدام الحليب المخزن".

واختتمت حديثها قائلة: "إلى جانب التوصية بأن تضع الأمهات ملصقات على الحليب المستخرج تبين وقت استخراجه، يمكن أيضًا تشجيعهن على التنبه إلى مدة التخزين. فقد لاحظنا أن حليب الأم يتغير مع نمو الرضيع؛ لذا، فإن تقديم حليب تم استخراجه قبل أشهر عدة قد يؤدي إلى "عدم تطابق" بين مكوناته واحتياجات الطفل في تلك المرحلة. ورغم أننا لا نعرف بعد بدقة مدى تأثير ذلك، فإن التوصية العامة تبقى استخدام الحليب في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ استخراجه".

مشاركة المقال: