في قصة ملهمة تجسد قوة الروح والإصرار، يروي الشاب علي محمود إبراهيم من طرطوس حكايته التي تتحدى مقاييس النجاح التقليدية. ففي عالم غالباً ما يركز على المظاهر الخارجية، يثبت علي أن الإرادة والتصميم هما أقوى من أي عائق.
مراسلة صحيفة "الحرية" التقت بالصيدلاني علي إبراهيم، البالغ من العمر 23 عاماً وخريج كلية الصيدلة في جامعة طرطوس للعام الدراسي 2025، ليشاركها تفاصيل رحلته. ولد علي بمرض خلقي صعب، لكنه لم يسمح له بأن يعيقه عن تحقيق طموحاته. فقد والده وهو في الثالثة من عمره، وعاش مع والدته التي عملت جاهدة لتوفير احتياجاته، رغم تدهور الأوضاع المادية بسبب متطلبات الحياة والدراسة.
يعاني علي من مرض تكوّن العظم الناقص، وهو مرض وراثي ناتج عن زواج الأقارب، يسبب هشاشة العظام وتشوهات هيكلية، ويجعل الألم جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية.
بدأ علي رحلته التعليمية في الروضة عام 2007، حيث لاحظت والدته سرعة بديهته اللافتة. ورغم رفض بعض الروضات استقباله بسبب وضعه الصحي، وجد أخيراً مكاناً يحتضنه ويمنحه فرصة التعليم. أكمل تعليمه في مدرسة "16 تشرين" ثم في "مدرسة المتفوقين" بمدينة طرطوس، وحصل على مجموع 235 من 240، مما أهله للالتحاق بالسنة التحضيرية للكليات الطبية في جامعة طرطوس، ومن ثم كلية الصيدلة.
يؤكد علي أن الطريق لم يكن سهلاً، فقد واجه صعوبات يومية، أبرزها الألم المستمر. لكن دعم والدته كان السند الوحيد القادر على مساعدته، وكانت تعتبر كل جهد تبذله خطوة ضرورية في طريقه نحو مستقبله. كما لم ينس علي ذكر بعض الأقارب الذين قدموا له ولوالدته المساعدة.
لم تخلُ حياة علي من كلمات جارحة ومحبطة، لكنه اختار أن يحولها إلى دافع إضافي. وإلى جانب والدته، كان هناك العديد من الكوادر التعليمية الداعمة، بالإضافة إلى أصدقائه الذين كانوا وما زالوا من أبرز الداعمين له ولأمه.
يؤكد علي أن طموحه لن يتوقف، وأن الاستمرار والعطاء هما سر الوصول. ويرى أن قصته رسالة لكل من يظن أن الظروف أقوى من إرادته. فالطريق صعب، لكنه ليس مستحيلاً. ويختم علي بأنه اليوم، وهو يحمل شهادة الصيدلة، يشعر بأن كل تعب وألم قد تحول إلى انتصار صغير يقوده إلى انتصار أكبر. ورغم أن المرض رفيقه الدائم، فإن الأمل سيظل رفيقه الأصدق، والأحلام هي الطريق الذي اختار ألا ينحرف عنه أبداً.