دعت القمة العربية والإسلامية الطارئة التي انعقدت في الدوحة، أمس، إلى مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، وذلك على خلفية استهدافها مسؤولين من حركة «حماس» في قطر. وطالب البيان الختامي الصادر عن القمة «جميع الدول باتخاذ كل التدابير القانونية لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم الجهود الرامية إلى إنهاء إفلاتها من العقاب، ومساءلتها عن انتهاكاتها وجرائمها، وفرض العقوبات عليها، وتعليق تزويدها بالأسلحة والذخائر والمواد العسكرية أو نقلها أو عبورها، ومراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها».
وأكد البيان أن «هذا العدوان على مكان محايد للوساطة لا ينتهك سيادة قطر فحسب، بل يقوّض أيضاً عمليات الوساطة وصنع السلام الدولية، وتتحمّل إسرائيل التبعات الكاملة لهذا الاعتداء». كما دعا إلى «تنسيق الجهود الرامية إلى تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن انتهاكاتها تتعارض مع ميثاق المنظمة الدولية.
وفي سياق متصل، أعلنت مصر دعمها الكامل للإجراءات التي تتخذها الدوحة على خلفية هذا الاستهداف على أراضيها، وذلك خلال اللقاء الثنائي الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد قبيل انعقاد القمة. وأفادت مصادر «الأخبار» بأن تفاصيل أوسع نوقشت خلال اللقاء، واستُكملت على مستويات أمنية واستخبارية.
وبينما تتجه مصر وقطر إلى استئناف جهود الوساطة، تشير المصادر إلى أن السيسي وتميم ناقشا استكمال «تلك الجهود بعد خفض مستوى التواصل إثر الهجوم على الدوحة، إضافة إلى ما يجري بحثه بين القطريين ونظرائهم الأميركيين». ووفقاً للمصادر، طلبت القاهرة من الدوحة التركيز على عاملين أساسيين، أولهما يرتبط بـ«تعهّد أميركي واضح يضمن عدم تكرار الاعتداءات، مع الحفاظ على الوضع الأمني لسلامة قيادات المقاومة، إلى جانب تخفيف حدة الخطاب الدبلوماسي المتعلق بالدعم الأميركي لإسرائيل». أما العامل الآخر فيرتبط بـ«ضرورة استكمال جهود الوساطة في إطار أوسع وأسرع للتوصل إلى اتفاق تهدئة حقيقي، وليس مجرد مناورة على غرار ما شهدته الاتصالات السابقة، وهو ما نوقش على المستويين الدبلوماسي والاستخباراتي بشكل موسّع».
وترى القاهرة أن «الوصول إلى اتفاق حقيقي يتطلّب ضغطاً أميركياً بجدول زمني محدّد، إلا أنّ ما لمسه القطريون في اتصالاتهم حتى الآن لم يتجاوز حدود التطمينات من دون تقديم تعهّدات حاسمة»، وفقاً للمصادر التي تنقل عن مسؤولين مصريين «احتمال إقدام إسرائيل على خطوة مماثلة مرة أخرى في الفترة المقبلة».
ومع ذلك، يراهن المسؤولون المصريون والقطريون على أن ورقة الأسرى وسلامتهم ستكون في الأيام المقبلة «أداة الضغط الأقوى على الداخل الإسرائيلي، إلى جانب الجهود الدبلوماسية التي يجري تنسيقها مع أطراف دولية أخرى، من بينها بريطانيا وكندا وفرنسا»، فيما يسعى الجانب المصري إلى «تغيير الموقف الألماني الذي لا يزال متصلّباً».
وبحسب مسؤول مصري تحدّث إلى «الأخبار»، فإن «لدى القاهرة رغبة حقيقية في محاولة فرض عزلة دبلوماسية على إسرائيل بمشاركة عدد من الدول الغربية، الأمر الذي سيكون له تأثير كبير في الضغط عليها». ويشير إلى أن الأمر «لا يزال صعباً لكنه قابل للتحقق، وربما أسهل من أي وقت مضى»، مضيفاً أن «القاهرة تضغط بالفعل على أوروبا بعدة أدوات، من بينها التحذير من عودة ملف المهاجرين إلى واجهة المشهد عبر الوصول إلى الشواطئ الأوروبية، وهو ما يشكّل اليوم أداة ضغط حقيقية».