في خطوة هي الأولى من نوعها، غادرت يوم الثلاثاء الماضي، مجموعة مؤلفة من 84 مواطناً سورياً على متن طائرة مستأجرة من مطار روتردام – لاهاي متجهة إلى الأراضي السورية. وقد قامت الحكومة الهولندية بتأجير هذه الطائرة الخاصة لإعادة السوريين إلى بلادهم، بحضور وسائل الإعلام بناءً على دعوة من وزارة اللجوء والهجرة.
أكدت الوزارة أن صعود السوريين إلى الطائرة تم بشكل طوعي، وأن غالبيتهم كانوا يحملون تصاريح إقامة مؤقتة في هولندا أو كانوا لا يزالون قيد إجراءات اللجوء. وقد وقّع الركاب صباحاً في المطار على استمارات لسحب طلبات لجوئهم. كما شملت الرحلة أشخاصاً مصنفين ضمن فئة "ملزمين بالمغادرة" لعدم امتلاكهم حق الإقامة في هولندا، مع تأكيد الوزارة على أن العودة لا تتم بالإكراه.
تحدث صحفيون مع بعض المسافرين السوريين، الذين فضل بعضهم عدم الكشف عن هويته حفاظاً على سلامتهم. وأعرب طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، واضعاً العلم السوري على كتفيه، عن حماسه قائلاً: "لم أرَ سوريا من قبل، فقد غادرناها بعد أربعة أشهر من ولادتي. أنا متحمس جداً." وأضاف أنه سيبدأ الدراسة في شهر أيلول/سبتمبر في مدرسة بُنيت حديثاً، معبراً عن حنينه لهولندا وأهلها ومدارسها ومعلميها.
أما عبد الله، البالغ من العمر 21 عاماً، فكان عائداً إلى حلب للقاء طفليه اللذين لم يرهما منذ عامين. وأوضح أنه انتظر طويلاً قرار دائرة الهجرة والتجنيس (IND) ليتمكن أطفاله من القدوم إلى هولندا، لكن دون جدوى، ما دفعه لاتخاذ قرار العودة الصعب، رغم وجود والدته وشقيقه في هولندا. وأضاف أنه سيبحث عن سكن وعمل كطاهٍ في حلب، حيث كان يعمل في مطعم.
وعن الوضع الأمني في سوريا، قال إنه لا يفكر فيه كثيراً، معتقداً أن الأوضاع لن تتحسن قبل عشر أو خمس عشرة سنة. وقد حصل السوريون العائدون على دعم مالي من الحكومة تحت مسمى "مساعدة العودة"، حيث تلقى كل شخص بالغ 2800 يورو وكل طفل 1650 يورو.
تتوقف الطائرة في إسطنبول قبل أن تواصل رحلتها إلى العاصمة السورية دمشق، حيث من المقرر أن تصل في وقت الظهيرة. وأشارت إيفون بوسخ، مديرة منظمة Solid Road التي تساعد طالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين على العودة الطوعية، إلى أنها ليست متفاجئة من اختيار العديد من السوريين العودة طوعاً، بسبب الحنين إلى العائلة والشعور بالاشتياق.
كما أوضحت أن سقوط نظام الأسد كان سبباً مهماً آخر، حيث كان العديد من السوريين يخشون على حياتهم في ظل النظام السابق، ما منحهم حق الإقامة في هولندا بشكل شبه تلقائي. وبعد سقوط النظام في كانون الأول/ديسمبر 2024، ظهرت تساؤلات حول عودة السوريين الذين لجأوا إلى هولندا. ووفقاً لأرقام دائرة العودة والمغادرة (DTV)، غادر أكثر من 700 سوري هولندا بين 1 كانون الثاني/يناير و31 آب/أغسطس من هذا العام، بينما يعيش حالياً حوالي 150 ألف سوري في هولندا.
وفي رسالة إلى البرلمان، ذكر وزير اللجوء المنتهية ولايته فان فيل (من حزب VVD) أنه يمكن اعتبار سوريا آمنة لعودة عدد أكبر من السوريين إليها. إلا أن العديد من منظمات اللاجئين لا تتفق مع هذا الرأي، معتبرة القرار متسرعاً ومؤكدة أن الوضع الأمني ليس مستقراً في جميع أنحاء سوريا. (Net in Nederland)