الجمعة, 19 سبتمبر 2025 04:41 PM

جبلة: تحديات خدمية مستمرة وجهود مجتمعية فاعلة في ظل غياب خطط إعادة الإعمار الشاملة

جبلة: تحديات خدمية مستمرة وجهود مجتمعية فاعلة في ظل غياب خطط إعادة الإعمار الشاملة

أكد أنس الكردي، أحد سكان مدينة جبلة الساحلية، في حديث لمنصة إخبارية، أن الواقع الخدمي في المدينة، بعد مرور تسعة أشهر، لا يزال يعاني من صعوبات يومية، مع تدخلات متفرقة من المجتمع المحلي والمنظمات التطوعية، وذلك في ظل ضعف استجابة الحكومة وغياب خطط شاملة لإعادة الإعمار.

أزمة كهرباء مستمرة ووعود معلقة

تعتبر الكهرباء من أبرز التحديات التي تواجه جبلة. يشير أنس الكردي إلى أن المدينة لا تزال تعاني من أزمة الكهرباء رغم الوعود الحكومية بتحسينها. على الرغم من الحديث عن خطوط ذرية جديدة، إلا أن البنية التحتية المتهالكة أدت إلى تحسن أبطأ في جبلة مقارنة بمدن أخرى مثل حلب وحمص وحماة. وأوضح الكردي أن ضعف الشبكة الكهربائية أثر على قطاعات مختلفة، بما في ذلك ضخ المياه والمواصلات والخدمات الصحية.

نظام مناوبة للمياه وحلول بديلة

أما بالنسبة للمياه، فيتم توزيعها بنظام المناوبة بين الأحياء. ووفقًا لأنس الكردي: "الوضع المائي متذبذب، حيث تتلقى الأحياء المياه في ساعات محددة، ويعتمد السكان على الطاقة البديلة لتشغيل المضخات إذا توفرت". هذا النقص دفع الأهالي إلى إيجاد حلول بسيطة، مثل تقاسم المياه بين الجيران أو استخدام الصهاريج الخاصة، إلا أن التكلفة المرتفعة تبقى عائقًا أمام ذوي الدخل المحدود.

صعوبات في المواصلات وبنية تحتية متدهورة

لم يشهد قطاع المواصلات تحسينات كبيرة. تعاني الطرقات من التدهور، وتم إصلاح بعضها بجهود محلية. وأضاف الكردي: "هناك طرقات جيدة، وأخرى بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل. لفتت المنظمات المحلية الانتباه إلى هذه المشكلة، لكن الحلول لا تزال جزئية". ويؤكد أن المجتمع المحلي يحاول التخفيف من الأزمة عبر مبادرات مثل إصلاح بعض الشوارع أو الإنارة باستخدام الطاقة الشمسية، حيث قام الأهالي بتركيب مصابيح أمام منازلهم للحد من السرقة وتحسين الأمان في الشوارع المظلمة.

مبادرات صحية تبعث الأمل

شهدت الخدمات الصحية تراجعًا كبيرًا بعد اندلاع المعارك وحرق المجمع الحكومي، الذي كان يضم وثائق ومستندات رسمية وملفات خدمية. ومع ذلك، ساهمت جهود الأهالي والمنظمات التطوعية في إعادة ترميم بعض المراكز الصحية. تحدث الكردي عن "مستوصف الفيض" الذي أعيد ترميمه بتبرعات من الأهالي، بالإضافة إلى مستوصف آخر في حي العزة. أعادت هذه المبادرات بعض الأمل إلى المدينة التي عانت من غياب شبه كامل للخدمات الطبية. وشهدت جبلة مؤخرًا افتتاح مستوصف الشفاء الصحي في حي العزة، بمبادرة من رابطة "معاً من أجل جبلة" وفريق "ملهم" التطوعي، وبإشراف من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل. وأكدت الرابطة على صفحتها في فيسبوك أن المركز سيقدم خدمات طبية "بكفاءة وجودة عالية"، في خطوة لتعزيز الرعاية الصحية في المدينة.

دور المنظمات والمجتمع المدني

من أبرز سمات الوضع في جبلة، بحسب الكردي، هو الحضور القوي للمجتمع المحلي والمنظمات التطوعية. لعبت مبادرات مثل فريق ملهم ومنظمة يدًا بيد دورًا هامًا في إعادة الإعمار الجزئي، سواء في الإنارة العامة أو ترميم المراكز الصحية، بالإضافة إلى مشاريع إحياء الكورنيش البحري ومنطقة الفيض. ويؤكد الكردي أن هذه الجهود "تعبر عن تكاتف مجتمعي في مرحلة صعبة، حيث يتعاون السكان والمنظمات مع مؤسسات الدولة لتأمين الحد الأدنى من الخدمات".

بين الواقع والتطلعات

يبقى الوضع الخدمي في جبلة متناقضًا: ضعف حكومي في التخطيط والتنفيذ، ومبادرات أهلية ومنظمات محلية تحاول سد الثغرات. لا تزال الكهرباء والماء والمواصلات من أبرز التحديات، بينما شهد القطاع الصحي تحسنًا نسبيًا بفضل الجهود الشعبية. ورغم ذلك، يأمل الأهالي أن تكون هذه المبادرات بداية لتغيير أكبر، وأن تحظى جبلة بخطة شاملة تعيد إليها الحياة الطبيعية، خاصة أنها دفعت ثمنًا باهظًا خلال السنوات الماضية، وما زالت تنتظر دورًا حكوميًا أكثر جدية في إعادة الإعمار.

مشاركة المقال: