في بادرة تعكس التعاون العربي وتعزز الاستقرار الإقليمي، أعلنت المملكة العربية السعودية ودولة قطر عن اتفاق لدعم سوريا بمبلغ 89 مليون دولار.
أوضح الدكتور عبد الرحمن محمد، عضو هيئة تدريسية في كلية الاقتصاد في جامعة حماه، في حديث لـ "الوطن"، أن هذا الدعم يهدف إلى تحسين أوضاع العاملين في القطاع العام السوري لمدة ثلاثة أشهر، مع التركيز على التنمية المستدامة وتعزيز شمولية القطاع المالي. وأشار إلى أن قيمة الدعم مخصصة لتغطية رواتب العاملين في القطاع العام السوري.
أكد أستاذ الاقتصاد أن الاتفاقية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للعاملين في القطاع العام، ودعم استقرار الاقتصاد السوري، وتعزيز التنمية المستدامة وشمولية القطاع المالي.
وفيما يتعلق بالأبعاد الاقتصادية للاتفاق، أوضح أن تعزيز شمولية القطاع المالي يهدف إلى تحسين كفاءة القطاع المالي السوري من خلال توفير السيولة اللازمة لدفع رواتب العاملين. وأضاف أن هذه الخطوة تسهم في إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات الحكومية.
وأضاف محمد أن الدعم المالي يعزز قدرة الحكومة السورية على تقديم الخدمات الأساسية، ويسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، مما يدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
وقال: "بصراحة، يأتي هذا الدعم في إطار الجهود الإنسانية لتخفيف الأعباء عن الشعب السوري، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".
ويرى محمد أن أهمية التعاون السعودي القطري تتجلى في تعزيز التضامن العربي، إذ يعكس الاتفاق وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات الإقليمية، إضافة إلى دعم الاستقرار الإقليمي، حيث يعد استقرار سوريا عاملاً مهماً لاستقرار المنطقة ككل، فضلاً عن إعادة بناء العلاقات الاقتصادية، حيث يفتح الاتفاق الباب أمام مزيد من التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الدول العربية وسوريا.
وحول مساهمة الدعم السعودي القطري في تحسين الظروف المعيشية للعاملين في القطاع العام السوري، قال أستاذ الاقتصاد: "يأتي الدعم المالي السعودي القطري للعاملين في القطاع العام السوري كخطوة مباشرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في سوريا، ويهدف إلى معالجة التحديات المعيشية التي تواجه الموظفين الحكوميين في ظل سنوات من الصراع والعقوبات وتدهور قيمة العملة المحلية".
وأوضح محمد أن الدعم يوفر السيولة النقدية المباشرة لدفع رواتب العاملين في القطاع العام لمدة ثلاثة أشهر، مما يضمن حصول الموظفين على دخل ثابت في فترة حرجة، ويخفف من الضغوط المالية اليومية التي يواجهونها. كما أن الدعم يسهم في تخفيف الأعباء المعيشية عن آلاف الأسر السورية التي تعتمد على رواتب القطاع العام، وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
ويرى أستاذ الاقتصاد أن ضخ الأموال في السوق عبر الرواتب يعزز الطلب على السلع والخدمات، مما يدعم النشاط الاقتصادي ويحرك عجلة الإنتاج المحلي، ويساعد في إعادة بناء المؤسسات العامة وتفعيل الخدمات الأساسية، فضلاً عن تعزيز الاستقرار الاجتماعي، حيث يحد ضمان دفع الرواتب من حالة عدم اليقين لدى الموظفين، ويقلل من احتمالات الهجرة أو البحث عن مصادر دخل غير مستقرة، مما ينعكس إيجاباً على الاستقرار الاجتماعي والأمني في البلاد.
وقال إن الدعم المالي يرفع من مستوى دخل الموظفين الحكوميين بشكل مباشر، مما يمكنهم من تلبية احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء وسكن ونقل. كما أن المبادرة تأتي ضمن رؤية شاملة لدعم التنمية المستدامة في سوريا، وتهيئة البيئة الاقتصادية اللازمة لإعادة بناء المؤسسات العامة وتطوير الخدمات. فضلاً عن تسريع وتيرة تعافي الاقتصاد السوري، حيث يسرع الدعم السعودي – القطري تعافي الاقتصاد السوري، ويعزز فرص التنمية للشعب السوري عبر تنسيق الجهود مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية.
وأوضح أن أبرز التحديات هي استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية في سوريا، والتي قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة، كما أن الحاجة إلى ضمان الشفافية في توزيع الدعم تعد ضرورية لضمان وصوله إلى مستحقيه. واستعرض الآفاق المستقبلية، حيث يمكن أن يكون هذا الاتفاق بداية لمزيد من المبادرات المشتركة لدعم إعادة إعمار سوريا. فضلاً عن أن تعزيز التعاون الخليجي مع سوريا قد يؤدي إلى استثمارات طويلة الأجل في البنية التحتية والقطاعات الحيوية.
وختم بالقول: كرأي أكاديمي اقتصادي "يمثل الاتفاق السعودي – القطري لدعم سوريا خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، ومع استمرار التعاون العربي، يمكن أن تشهد سوريا مرحلة جديدة من التعافي والتنمية المستدامة، مما ينعكس إيجاباً على المنطقة بأكملها".
إن الدعم المالي السعودي – القطري للعاملين في القطاع العام السوري يمثل خطوة محورية لتحسين الظروف المعيشية، عبر ضمان دخل ثابت، وتخفيف الأعباء الإنسانية، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. ويضع الأساس لجهود التنمية المستدامة وإعادة بناء المؤسسات العامة، مما ينعكس إيجاباً على حياة الموظفين وأسرهم وعلى الاقتصاد السوري ككل.
محمد راكان مصطفى