الجمعة, 26 سبتمبر 2025 02:12 PM

تطورات في ملف رياض سلامة القضائي: هل ينجو الحاكم السابق لمصرف لبنان من المحاسبة؟

تطورات في ملف رياض سلامة القضائي: هل ينجو الحاكم السابق لمصرف لبنان من المحاسبة؟

يبدو أن الملف القضائي للحاكم السابق لمصرف لبنان، رياض سلامة، يقترب من نهايته. ولكن، وفقاً لما يبدو، ليس هذا النهاية التي تحقق العدالة، بل النهاية التي تسمح للفاسدين بالإفلات من العقاب، كما جرت العادة في لبنان.

على الرغم من قوة الأدلة التي أدت إلى توقيف سلامة، والتي تتضمن اختلاس 43 مليون دولار من حساب الاستشارات في مصرف لبنان عبر شيكات مصرفية حُوّلت إلى محاميه (ميكي تويني)، ثم إلى نجل شقيقته مروان عيسى الخوري، الذي حوّلها بدوره إلى حساب سلامة الخاص، إلا أن القضاء اللبناني لم يتمكن حتى الآن من محاكمته في هذه القضية.

أمس، أصدر رئيس الهيئة الاتهامية في بيروت، القاضي كمال نصار، قراراً بإخلاء سبيل سلامة، بعد تخفيض الكفالة المالية من 20 إلى 14 مليون دولار. وجاء قرار نصار، الذي تولى منصبه حديثاً، نتيجة لتأخر القاضي نسيب إيليا في إصدار قرار اتهامي بحق سلامة، رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على إصدار قاضي التحقيق الأول في بيروت، بلال حلاوي، قراره الظني.

يثير هذا التأخير تساؤلات حول الأسباب التي منعت إيليا من إصدار القرار الاتهامي، الذي كان من المفترض أن يستند إلى القرار الظني، الذي اعتبر أفعال الحاكم السابق جرائم جنائية تشمل "سرقة وهدر الأموال العامة، والتزوير والاستعمال المزوّر، والاختلاس والإثراء غير المشروع"، مما يستدعي تقديمه للمحاكمة ليواجه عقوبة السجن.

إلا أن هذا لم يحدث، مما سمح لمحامي سلامة بالاستناد إلى المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية لطلب إخلاء سبيله بعد انتهاء مدة توقيفه الاحتياطي. وافق إيليا على طلب إخلاء السبيل منذ نحو شهر، ورفع قيمة الكفالة المالية إلى 20 مليون دولار وخمسة مليارات ليرة لبنانية، واعتبر ذلك إنجازاً تحت عنوان فرض "الكفالة الأعلى في تاريخ القضاء اللبناني".

لكن هذه الفرحة لم تكتمل بعد تخفيض الكفالة أمس إلى 14 مليون دولار، مع الإبقاء على قرار منعه من السفر لمدة سنة، بدءاً من تاريخ تنفيذ إخلاء السبيل. والخطير في هذا السياق أن خروج سلامة من السجن سيوفر له حججاً وذرائع للهروب من المحاكمة وتأخيرها، وسيمنح كل المرتكبين "أملاً" بالهروب من المحاسبة، والاحتفاظ أيضاً بالأموال المختلسة.

حتى الكفالة المفروضة على سلامة لا توازي المبلغ المسروق. ويلفت البعض إلى تزامن التوقيت بين الخطط المالية للحكومة ومصرف لبنان بشخص حاكمه الجديد، لمعالجة ملف المودعين والأموال المنهوبة من جهة، وإنهاء ملف سلامة في الوقت نفسه، من جهة أخرى.

هذا الأمر ليس مستغرباً طالما أن القرار الأول لا يزال في أيدي المنظومة السياسية التي غيرت وجوهها، ولكنها تستكمل السياسات نفسها التي تحفظ مصالح المصارف. ولكنه يبدو مستغرباً حين يتعلق بالقضاء والعدل. فأين التفتيش القضائي اليوم؟ ولماذا لم يُسأل القاضي نسيب إيليا، على الأقل، عن تأخيره في إصدار القرار الاتهامي؟

مشاركة المقال: