السبت, 27 سبتمبر 2025 12:45 PM

تونس ومجلس الأمن: هل تعيد حادثة "أسطول الصمود" فتح ملف المواجهة مع إسرائيل؟

تونس ومجلس الأمن: هل تعيد حادثة "أسطول الصمود" فتح ملف المواجهة مع إسرائيل؟

لا تزال حادثة استهداف سفينتين مشاركتين في "أسطول الصمود العالمي" في ميناء سيدي بوسعيد قبل نحو أسبوعين تثير جدلاً واسعاً في تونس، خاصة بعد تصريحات جديدة من مسؤولين بارزين تتهم إسرائيل بالمسؤولية، بينما تلتزم السلطات التونسية الصمت. تعرضت باخرة إسبانية وأخرى بريطانية لهجوم أثناء رسوهما في الميناء، حيث صرحت السلطات في البداية بأن الحادث ناجم عن حريق، ثم وصفته لاحقاً بأنه "عمل مدبَّر".

في حين اكتفت السلطات التونسية بالإعلان عن فتح تحقيق "للوقوف على حقيقة ما جرى"، جاءت تصريحات رسمية من قادة ومسؤولين أميركيين لتؤكد ضلوع إسرائيل في الهجوم. فقد أشار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تونس كإحدى الدول التي تعرضت لاعتداء إسرائيلي. وتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال القمة العربية الإسلامية في الدوحة، عن "امتداد الاعتداءات الإسرائيلية" إلى عدة دول، من بينها تونس. وأقرّ مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط توم براك بأن إسرائيل "قصفت تونس" على غرار لبنان وسوريا والأردن، ليكون بذلك أول مسؤول أميركي يقرّ بمسؤولية تل أبيب عن الهجوم. وفي إسبانيا، كلّف وزير الخارجية سفير بلاده في تونس بمتابعة التحقيقات بشأن الهجوم بطائرة مسيّرة على سفن الأسطول في المياه التونسية.

أثارت هذه التطورات نقاشاً واسعاً في تونس حول أسباب صمت السلطات عن توجيه الاتهام المباشر لإسرائيل. وطالب معارضون بكشف الحقيقة، معتبراً السياسي هشام العجبوني أن السلطات التونسية مطالبة بالتعامل مع التونسيين "كمواطنين لا كرعايا". وانتقدت "حركة حق" في بيان الصمت الرسمي للسلطات بعد اعتراف براك، مؤكدة أنها لا تزال متمسكة بروايتها الأولى "بينما العالم كله يشير إلى الفاعل"، مطالبةً بالشفافية الكاملة وكشف الحقائق أمام الشعب التونسي "صاحب السيادة".

يرى مراقبون أن صمت السلطات التونسية مدروس، ويعكس رغبة في التريث قبل الإعلان عن النتائج. ويقول المحلل السياسي إبراهيم الغربي إن السلطات ربما فضّلت إنهاء تحقيقاتها أولاً للكشف عن الفاعلين وتوضيح التفاصيل للرأي العام، خصوصاً أن سفن الأسطول كانت لا تزال راسية في الموانئ التونسية حينها.

حادثة "أسطول الصمود" ليست الأولى التي يُذكر فيها اسم تونس في سياق اعتداءات إسرائيلية خارجية. فالذاكرة التونسية لا تزال مثقلة بعدة أحداث، أبرزها قصف منطقة حمّام الشط في الضاحية الجنوبية للعاصمة في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1985، حين أغارت طائرات إسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا من التونسيين والفلسطينيين. وقد أدان مجلس الأمن الدولي حينها العملية باعتبارها اعتداءً على السيادة التونسية. وفي 16 نيسان/ أبريل 1988، اغتالت وحدة "سييرت متكال" بقيادة موشيه يعلون، خليل الوزير (أبو جهاد)، أحد أبرز قادة الحركة الوطنية الفلسطينية، في منزله بسيدي بوسعيد. كما اتهمت حركة "حماس" عام 2016 جهاز "الموساد" باغتيال المهندس التونسي محمد الزواري أمام منزله في صفاقس.

رغم صمت السلطات التونسية حتى الآن بشأن ما جرى في ميناء سيدي بوسعيد، تعالت أصوات تطالب بالتوجه إلى المؤسسات الدولية لمساءلة إسرائيل، على غرار ما حدث بعد اعتداء حمّام الشط. ودعت حركة "حق" السلطات إلى "الدفاع عن السيادة الوطنية بإحالة ملف الاعتداء بالطائرات المسيّرة على الأراضي التونسية إلى مجلس الأمن". ورغم أن حادثة "أسطول الصمود" أعادت فتح جراح قديمة في الذاكرة التونسية مع الاعتداءات الإسرائيلية، إلا أنها أعادت أيضاً النقاش بشأن قدرة الدول على حماية سيادتها واللجوء إلى المؤسسات الدولية.

مشاركة المقال: