السبت, 27 سبتمبر 2025 12:45 PM

الجفاف يهدد الأمن الغذائي في سوريا: الفاو تحذر من كارثة زراعية وشح في القمح

الجفاف يهدد الأمن الغذائي في سوريا: الفاو تحذر من كارثة زراعية وشح في القمح

خاص- شبكة أخبار سوريا والعالم في بلد مزقته الحرب، يتربص شبح الجفاف بالسوريين، ليفتك بهم أكثر من أي رصاص. إنه ليس مجرد موسم قليل الأمطار، بل الأسوأ منذ ستة عقود، وفقًا لتقارير الأرصاد الجوية. هذا الجفاف التاريخي يتزامن مع انهيار شبه كامل للقطاع الزراعي، مما يضاعف معاناة ملايين السوريين الذين يكافحون يوميًا من أجل البقاء في ظل اقتصاد متدهور.

منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) دقت ناقوس الخطر قبل أسبوعين، محذرة من أن سوريا تواجه تهديدًا وجوديًا لأمنها الغذائي. وتوقعت المنظمة انخفاضًا قياسيًا في إنتاج القمح لموسم 2024-2025، مما ينذر بخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد لأكثر من 14 مليون شخص.

الأخطر من هذه الأرقام هو التجاهل الرسمي المريب. فلا يوجد أي تعليق أو خطة أو تحرك من جانب وزارة الزراعة ووزارات الطاقة والشؤون الاجتماعية والعمل، وكأن التقرير لم يصدر عن جهة دولية مرموقة، وكأن الأزمة لا تستحق حتى الاعتراف بها.

الخبير الاقتصادي يوسف شريبا عبّر في حديث لشبكة أخبار سوريا والعالم عن دهشته من هذا التجاهل، وتساءل: "هل يعقل أن تمر هذه التحذيرات مرور الكرام؟ أين خطط الإنقاذ؟" وأكد أن الحكومة تتحمل مسؤولية مباشرة عن نقص المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة، مما فاقم الأزمة.

تشير تقارير شبه رسمية إلى أن إنتاج سوريا من القمح في الموسم الزراعي 2024–2025 بلغ حوالي 922 ألف طن فقط، وهو انخفاض حاد مقارنة بالموسم السابق الذي سجل إنتاجًا قدره 2.4 مليون طن. ويعزى هذا الانخفاض الكبير إلى عدة عوامل متشابكة، أبرزها ضعف وتأخر الهطولات المطرية، خاصة في المناطق الشرقية والشمالية، وارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة والمحروقات، وتضرر شبكات الري ونقص الكهرباء، مما أدى إلى خروج معظم الأراضي البعلية من الإنتاج، إضافة إلى تعليق القروض الزراعية وتوجه المزارعين نحو محاصيل بديلة أكثر مردودية.

تقرير الفاو دعا المجتمع الدولي لتوفير 286.7 مليون دولار ضمن خطة طوارئ للفترة 2025-2027، بهدف تقديم مساعدات عاجلة وبناء قدرة صمود طويلة الأمد. لكن غياب أي استجابة حكومية واضحة يثير القلق، ويطرح تساؤلات حول جدية السلطات في التعامل مع أزمة تهدد حياة ملايين السوريين.

في المحصلة، إن تجاهل هذه الأزمة لا يعني فقط ترك السوريين يواجهون الجوع، بل يعني التخلي عن فرصة تاريخية لإعادة بناء قطاع حيوي يمكن أن يكون ركيزة للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. فالزراعة ليست رفاهية، بل شريان حياة، وتركها تنزف بصمت هو حكم بالإعدام على مستقبل وطن بأكمله. فهل تتحرك الحكومة قبل أن يتحول الجفاف إلى مجاعة؟ أم أن الصمت سيبقى سيد الموقف حتى آخر سنبلة؟ السوريون لا يحتاجون إلى بيانات مطمئنة، بل إلى فعل حقيقي، إلى خطة إنقاذ، إلى إرادة سياسية تعيد للتراب السوري قيمته وللإنسان كرامته. الوقت لا ينتظر، والمستقبل يُكتب الآن.

مشاركة المقال: