السبت, 27 سبتمبر 2025 04:49 PM

حملة "الوفاء لإدلب": لماذا حصدت هذا النجاح وما حقيقة الأرقام المعلنة؟

حملة "الوفاء لإدلب": لماذا حصدت هذا النجاح وما حقيقة الأرقام المعلنة؟

حققت حملة "الوفاء لإدلب" نجاحًا كبيرًا في جمع التبرعات على مستوى سوريا، حيث تجاوزت التبرعات 208 ملايين دولار خلال الليلة الماضية، متفوقة بذلك على خمس حملات مماثلة سابقة. وكانت محافظات درعا، دير الزور، حمص، ريف دمشق، وريف حلب الجنوبي قد شهدت حملات تبرع مماثلة خلال الأسابيع الماضية، حيث سجلت حملة "ريفنا بيستاهل" في ريف دمشق الرقم الأكبر بتجاوزها 76 مليون دولار في 20 أيلول الحالي.

وعزا الخبير الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي، في تصريح لـ"حلب اليوم"، تفوق إدلب إلى أن "المبلغ الذي تم جمعه أمر طبيعي، لأن المكوّنات التي كانت موجودة داخل إدلب هي من كل سوريا. فالمواطنون فيها من جميع المحافظات السورية، وقد احتضنت عددًا كبيرًا من السوريين في بقعة جغرافية صغيرة، فكان ردّ الوفاء من مختلف المحافظات السورية وليس فقط من أهالي إدلب. لذلك، فقد كان هذا المبلغ بمثابة ردّ جزء من الجميل لاستضافة السوريين من باقي المحافظات".

ولم يقتصر التبرع على المغتربين وأصحاب الشركات، بل ساهم سكان بعض البلدات، بمن فيهم الأطفال، بمبالغ زهيدة. وقد لاقت المبادرة ترحيبًا محليًا واسعًا، مع وجود رغبة في توسيع نطاقها وتأثيرها، وإشراك أكبر قدر ممكن من المجتمع المدني.

وتهدف حملة "الوفاء لإدلب" إلى إعادة تأهيل المدارس والمشافي والمراكز الطبية، وإزالة الأنقاض، وتجهيز محطات المياه والصرف الصحي، وترميم المساجد والأفران، وصيانة الطرق وتزويدها بالإنارة، وتأهيل المرافق العامة.

ما مدى مصداقية الأرقام المعلنة؟

تجدر الإشارة إلى أن الأرقام المعلنة تمثل تعهدات بالتبرع، وليست بالضرورة مبالغ مدفوعة فعليًا، إذ يبقى الأمر التزامًا شخصيًا من المتبرع. وعلى سبيل المثال، حقق صندوق "التنمية السوري"، الذي أُنشئ بموجب مرسوم رئاسي، تعهدات تجاوزت 80 مليون دولار أمريكي في الأيام الأولى من إطلاقه مطلع الشهر الجاري. ومع ذلك، تشير آخر البيانات الصادرة عن الصندوق إلى أن التبرعات المباشرة بلغت 1.5 مليون دولار فقط بعد مضي 13 يومًا من بدء جمع التبرعات. وهذا لا يعني أن التعهدات وهمية، ولكنه يعكس وجود فجوة بين التعهد والدفع الفعلي.

أما بالنسبة لحملات التبرع التي جرت في إدلب وغيرها، فالوضع مختلف، حيث يؤكد قضيماتي أنها لا تتبع لصندوق التنمية، الذي يخضع لإدارة مستقلة بإشراف الدولة ويعود ريعه لمشاريع على مستوى سوريا كلها، وليس على مستوى المحافظات. وأضاف أن مصطلح "تعهدات" لا ينطبق على هكذا حملات، وإن استُخدم، فإن الالتزام بالدفع يكون حقيقيًا بنسبة 100%، لأن أصحاب الإعلانات غير مضطرين أصلًا لإعلان مبالغ لا ينوون الالتزام بها. ويرى أن عدم الالتزام قد يعرّض الشركات والأشخاص المتبرعين لسمعة سلبية.

هل ستحدث هذه الملايين فرقًا؟

على الرغم من أن المبالغ التي جرى جمعها تبدو كبيرة، إلا أن حجم الدمار المنتشر في كل مكان يوحي بالحاجة ربما إلى المليارات. ويرى الخبير الاقتصادي أن المبالغ المجموعة في مختلف المحافظات السورية ستترك أثرًا ملموسًا وسريعًا، خلال فترة تمتد بين 3 إلى 6 أشهر، كونها خارج إطار التعقيدات الإدارية ولا علاقة لها بالمبالغ التي تُصرف من قبل الدولة. ويشير إلى أنها أقرب إلى المبالغ التي تصرفها الجمعيات الأهلية لإعادة تأهيل مناطق أو مرافق محددة.

ويضيف أن آلية صرف المبالغ التي تأتي من الحملات تختلف عن تلك التي تُدار عبر الدولة، وبالتالي فإن إعادة تأهيل خط كهربائي أو مدرسة سيكون أسهل من خلال هذه التبرعات. وعليه، سيشعر المواطن بفرق كبير يعادل حجم المبالغ المصروفة على إعادة التأهيل أو إغلاق المخيمات، التي كانت دائمًا الهدف الأول للحملات السابقة، إضافة إلى تقديم الرعاية الصحية والتعليمية.

ومن المقرر أن تستمر الحملات لتغطية كافة المحافظات السورية، في محاولة لإعادة بناء ما دمّره النظام البائد، دون الحاجة لتمويل خارجي أو الخضوع لإملاءات الدول الأخرى، بحسب ما تؤكده الحكومة.

مشاركة المقال: