الأحد, 28 سبتمبر 2025 10:53 PM

حلب تستعيد بريقها: إعادة افتتاح قلعة حلب الأثرية بعد سنوات من الإغلاق

حلب تستعيد بريقها: إعادة افتتاح قلعة حلب الأثرية بعد سنوات من الإغلاق

احتفلت مدينة حلب، شمالي سوريا، بإعادة افتتاح قلعتها الأثرية يوم السبت الموافق 27 من أيلول، وذلك بحضور رسمي وشعبي ورعاية من وزارتي الثقافة والسياحة. وشهدت الفعالية عروضًا فنية متنوعة، من بينها عرض للفنان الحلبي عبد الكريم حمدان، بالإضافة إلى كلمات لشخصيات حكومية.

تزامن هذا الحدث مع اليوم العالمي للسياحة، الذي يوافق 27 أيلول من كل عام. وأوضح مدير الثقافة في حلب، أحمد العبسي، في تصريح لعنب بلدي، أن القلعة استضافت احتفالين: الأول بمناسبة إعادة افتتاحها بعد سنوات من الإغلاق نتيجة للأعمال العسكرية واستخدامها كثكنة عسكرية من قبل النظام السوري السابق، والثاني احتفاءً باليوم العالمي للسياحة. واعتبر العبسي هذا اليوم تاريخيًا، مبشرًا بموسم سياحي جديد يعكس حضارة حلب وثقافتها العريقة.

حضر حفل الافتتاح شخصيات حكومية ووزراء. وخلال الحفل، صرح وزير الثقافة، محمد ياسين صالح، بأن "قلعة حلب صرح من صروح حضارتنا الشامخة"، معتبرًا إعادة افتتاحها علامة على التعافي والصمود. من جهته، أكد محافظ حلب، عزام الغريب، أن إعادة افتتاح القلعة هو "للتاريخ وللفخر وللأمل، لنقول للعالم: هنا حلب".

سنوات من الإغلاق

تتربع القلعة في قلب مدينة حلب، وتمثل الرمز التاريخي الأهم وأيقونة المدينة، وتحمل مكانة خاصة لدى الحلبيين. وتعتبر قلعة حلب من أقدم القلاع في العالم، حيث يعود استخدام تل القلعة إلى منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، عندما كان معبدًا للإله القديم "هدد"، إله الطقس، الذي كانت تقدم له القرابين، وفقًا لمصادر تاريخية.

ويُعتقد أن أول استخدام للتل كتحصين كان خلال عهد سلوقس الأول نيكاتور في الفترة ما بين القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، بحسب موقع "castles.nl". وتعتبر القلعة دليلًا على القوة العربية منذ القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وتشير الأدلة إلى وجود احتلال سابق من قبل حضارات تعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد، وفقًا لمنظمة "يونسكو".

تحتوي القلعة على بقايا مساجد وقصور وحمامات، وتحمل المدينة المسورة التي نشأت حولها آثارًا لتخطيط الشوارع اليوناني الروماني المبكر، بالإضافة إلى بقايا مبانٍ مسيحية من القرن السادس. كما تضم أسوارًا وبوابات من العصور الوسطى، ومساجد ومدارس من العصور الأيوبية والمملوكية، ومساجد وقصورًا لاحقة من العصر العثماني.

تعرضت القلعة لأضرار محدودة خلال العمليات العسكرية بين النظام السوري السابق والمعارضة بين عامي 2012 و 2016. وكان النظام متمركزًا داخل المدينة، بينما تواجدت فصائل المعارضة في محيط القلعة من الجهتين الشرقية والجنوبية. وقد دُمرت مبانٍ أثرية في محيط القلعة بشكل كامل أو شبه كامل، مثل المدرسة "الخسرفية" وجامع "السلطانية" وخان "الشونة" وفندق "كارلتون القلعة" والقصر العدلي.

في آب 2021، ذكرت وسائل إعلام روسية بدء عملية ترميم قلعة "حلب" بدعم روسي. ونقلت وكالة "تاس" عن أمينة صابوني، كبيرة مهندسي المشروع، أن الترميم يركز على الجدران الشمالية والشرقية للقلعة، التي تضررت بشكل أكبر، بالإضافة إلى بعض الأبراج التي دُمرت بالكامل. وبحسب تقديرات الخبراء، بلغت نسبة الدمار في القلعة 20%.

تأثرت القلعة أيضًا بزلزال شباط 2023 المدمر، إلى جانب العديد من المواقع الأثرية الأخرى. وقدمت "يونسكو" حينها مبالغ مالية لترميم بعض الآثار المتضررة بقيمة تصل إلى 75 ألف دولار أمريكي.

تجميل الساحة

شهد محيط قلعة حلب والساحة المقابلة لها عمليات تجميل وترميم نفذتها شركة "الحسن الدولية" ضمن حملة "شهباء من جديد"، بتكلفة تقديرية بلغت حوالي 330,000 دولار أمريكي. وبحسب تصريح سابق للمسؤول الإعلامي للحملة، بدر طالب، لعنب بلدي، تركزت الأعمال على تجهيز القلعة لاستقبال الزوار، وشملت تركيب إنارة خارجية وإعادة تأهيل الإنارة الداخلية والخارجية بشكل كامل.

كما تضمنت الأعمال تنظيف الساحة الخارجية للقلعة، وإعادة ترميم الكراسي وإصلاحها، وصيانة السور، بالإضافة إلى تركيب أكشاك مسبقة الصنع لتنظيم وضع الباعة. وأشار طالب إلى أن المشروع يشمل تركيب كاميرات مراقبة في جميع أنحاء القلعة، وإضافة "باركودات" تعريفية للأماكن الأثرية. وأكد أن جميع الأعمال تتم تحت إشراف مديرية الآثار وبتنسيق مع المحافظة، وبمساهمة هندسية من كادر مختص تم تعيينه من قبل الجهات الرسمية.

تعرف شركة "الحسن الدولية" نفسها بأنها شركة استثمارية سورية تنشط في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات، وتوسع نطاق عملها عبر شراكات ومشاريع في قطاعات مختلفة.

مشاركة المقال: