الإثنين, 29 سبتمبر 2025 05:31 PM

تصعيد في شمال سوريا: تعزيزات عسكرية تركية وسورية وسط تهديدات متبادلة

تصعيد في شمال سوريا: تعزيزات عسكرية تركية وسورية وسط تهديدات متبادلة

في ظل استمرار الحديث عن تعثر المفاوضات بين الحكومة السورية و"الإدارة الذاتية" بسبب الخلافات حول قضايا مثل دمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الجيش السوري، وبعد سلسلة من التهديدات التركية باحتمال شن عملية عسكرية ضد "قسد"، قام الجيشان التركي والسوري بإرسال تعزيزات عسكرية إلى مطار كويرس ومناطق انتشاره في منطقة رأس العين وتل أبيض (نبع السلام).

أفاد مصدر عسكري في وزارة الدفاع السورية، لوكالة عنب بلدي، يوم الاثنين 29 من أيلول، بأنه تم "تأمين" مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي، وذلك بعد نشر عربات مدرعة تركية من نوع "سامور" داخله، بالإضافة إلى منظومات دفاع جوي وطائرات مروحية تركية. وأضاف المصدر أن عدة فرق من الجيش السوري انتشرت في محيط المطار، في وقت تشهد فيه المنطقة تعزيزات عسكرية تركية متزايدة في مدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي الحسكة، على الحدود السورية-التركية. ولم يوضح المصدر أسباب إرسال هذه التعزيزات وما إذا كانت تأتي ضمن ترتيبات لمعركة محتملة ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

"الإدارة الذاتية" تشكك بوقوع المعركة

شككت مسؤولة الشؤون الخارجية في "الإدارة الذاتية" في شمال شرق سوريا، إلهام أحمد، في دقة ما نُقل عن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بأنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام، يمكن لتركيا أن تتحرك عسكريًا. وقالت المسؤولة في لقاء مع مجلة "المجلة"، في 27 من أيلول، إنها لا تعتقد أن يتم التهديد مباشرة بهجوم تركي على "قسد" إذا لم يتوصل الطرفان إلى تفاهمات. واعتبرت أن الموضوع بحاجة إلى وقت زمني، وأن تحديد مدة زمنية والتهديد والوعيد بأنه إذا لم يتم الوصول إلى تفاهمات ستكون هناك حرب يعد "إشكالية"، ولغة تهديد لن تفيد بشيء.

الشرع خياره المفاوضات

في لقائه مع صحيفة "ملييت" في 19 من أيلول، قال الرئيس السوري، أحمد الشرع، إن دمشق أقنعت أنقرة بعدم شن عملية ضد "قوات سوريا الديمقراطية" بعد الإطاحة بالأسد وإعطاء المفاوضات فرصة. وألمح إلى أنه "إذا لم تتحقق عملية التكامل بحلول كانون الأول، فقد تتخذ تركيا إجراءً عسكريًا". وأشار الشرع إلى أن "قسد" تعتبر نفسها خارج العملية على الرغم من دعوة أوجلان لإنهائها، ويرى الرئيس السوري أن الوضع الراهن في شمال شرق سوريا يشكل تهديدًا للأمن القومي لتركيا والعراق. واعتبر الشرع أن "أجنحة معينة داخل (قوات سوريا الديمقراطية) و (حزب العمال الكردستاني) خربت تنفيذ الاتفاقية وأبطأت العملية"، وقال إن اتفاقية 10 آذار قدمت لأول مرة حلًا تدعمه الولايات المتحدة وتركيا.

وكان الرئيس الشرع قال في حوار أجراه مع قناة "الإخبارية السورية" الحكومية، في 13 من أيلول، إن هناك تقدمًا في المفاوضات مع "قسد"، إلا أن هناك نوعًا من التعطيل أو التباطؤ في تنفيذ الاتفاق. ولفت الشرع إلى أن الاتفاق مع "قسد" وضعت له مدة إلى نهاية العام، وأن دمشق كانت تسعى لأن تطبق بنود الاتفاق نهاية شهر كانون الأول المقبل. وأضاف الشرع أنه فعل كل ما يجنب مناطق شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها "قسد"، الدخول في معركة أو حرب، مضيفًا أن الحكومة وافقت على دمج "قسد" في الجيش السوري، وأن الجانبين اتفقا على بعض الخصوصيات للمناطق الكردية. وفي معرض رده على مطالب "قوات سوريا الديمقراطية" بـ"اللامركزية"، أشار الشرع إلى أن سوريا بالفعل لامركزية بنسبة 90% بفضل القانون "رقم 107". وأوضح أن المجتمع السوري غير مستعد لمناقشة الأنظمة الفيدرالية، وأن كل هذه المطالب هي في الواقع قناع لـ"الانفصالية" خلف تعريفات مختلفة.

تركيا تهدد

من جانبها، علقت وزارة الدفاع التركية على التصعيد بين قوات الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الأيام الأخيرة، معتبرة أن "قسد" تشكل تهديدًا لـ "السلام والاستقرار الإقليميين". وعقب مؤتمر صحفي للمتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، نقلت وكالة "الأناضول" التركية عن مصادر الوزارة قولها إنها تُراقب الاتصالات بين الحكومة السورية وتنظيم "قسد الإرهابي" بعناية ودقة. ووفق الدفاع التركية، أظهرت الهجمات الأخيرة التي استهدفت قوات الحكومة السورية في منبج وريف حلب، مرة أخرى، أن "قسد" لا تلتزم بالاتفاق المبرم مع الحكومة السورية في 10 من آذار الماضي.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخلال لقائه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في الدوحة على هامش "القمة العربية الإسلامية الطارئة"، في 15 من أيلول، أكد أن بلاده "تتابع الخطوات التي تجمع مختلف المكونات في سوريا"، وشدد على أهمية وحدة الأراضي السورية، وعلى ضرورة التزام "قسد" ببنود اتفاق 10 من آذار مع دمشق. وزير الدفاع التركي، يشار غولر، قال في 19 من أيلول إنه يجب على تنظيم "قسد" وجميع امتداداته ترك السلاح ووقف "أنشطته الإرهابية" فورًا، في مناطق مختلفة أبرزها سوريا تحت مسميات متنوعة. وأشار غولر إلى أن تركيا تمضي بخطى واثقة نحو هدفها في "تركيا بلا إرهاب". وشدد على أن تركيا لن تسمح إطلاقًا لـ "أي تنظيم إرهابي، وخاصة قسد" بالتجذر في المنطقة تحت مسميات مختلفة.

وبحسب مسؤول سوري رفيع تحدث لوكالة "رويترز"، فإن أنقرة بدأت تفقد صبرها إزاء المماطلة، وأبلغت دمشق استعدادها لدعم أي عمل عسكري ضد "قسد"، التي تعتبرها امتدادًا لحزب "العمال الكردستاني" المصنف إرهابيًا لديها. وقال المسؤول: "الموعد النهائي في الأساس حتى نهاية العام"، وأضاف: "دمشق تعتقد أن ترامب منح تركيا حرية التصرف لحل قضية الأمن الكردي".

استفزازات عسكرية بين الطرفين

تبادلت القوات السورية الحكومية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) القصف في ريف حلب الشرقي، وسط اتهامات متبادلة حول من بدأ الاشتباكات. وفي 20 من أيلول، قالت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) إن طائرة مسيرة تابعة للحكومة السورية استهدفت إحدى نقاط قواتها العسكرية في منطقة دير حافر في ريف حلب الشرقي. وأضافت في بيان نشرته عبر صفحتها في منصة "فيسبوك" أن الهجوم بالطائرة المسيرة لم ينتج عنه أي خسائر بشرية أو مادية.

أفاد مراسل عنب بلدي في حلب أن الهجوم بدأ من قبل "قسد" في دير حافر، باستهداف مدفعي للجيش السوري، ليرد عليها بالمدفعية وبراجمات الصواريخ. ونفى المراسل أي استهداف بطائرة مسيرة على "قسد"، مؤكدًا عدم استخدامها في الهجوم بين الطرفين. بينما ذكرت "قسد" في بيانها أن قواتها ردت فورًا بضربات دقيقة على مصادر النيران، محققة إصابات مؤكدة أجبرت المهاجمين على التراجع. وأكدت أن قواتها تملك الجاهزية الكاملة للتصدي لأي اعتداء، وأن ردها سيكون دائمًا "حاسمًا" ضد كل من يحاول استهداف مواقعها ومقاتليها. بالمقابل، أكد المراسل أن القصف المتبادل بالقذائف الصاروخية تجدد بين قوات وزارة الدفاع السورية و"قسد" على محاور قريتي الخفسة والكيارية بريف حلب الشرقي. وذلك إثر تسلل عدة عناصر من "قسد" على قرية "الخفسة"، وبعد انسحابهم بدأت الاشتباكات على محور القريتين.

بينما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن "قسد" استهدفت بقذائف الهاون محيط قرية تل ماعز شرق حلب. وأفاد مراسل عنب بلدي في حلب أن الجيش السوري في محيط قرية تل ماعز بريف حلب الشرقي رد على قذائف الهاون التي أطلقتها "قسد" بقذائف مدفعية. وكانت "قسد" قد أعلنت في 14 من أيلول تعرضها لهجوم مسلح بريف دير الزور الشرقي، في حين أفاد مراسل عنب بلدي أن "قسد" استهدفت إحدى العبّارات النهرية، ما أدى إلى حدوث اشتباكات مع عناصر من الجيش السوري. وذكرت "قسد" أن قواتها المتمركزة على ضفة نهر الفرات، بالقرب من جسر العشارة في بلدة درنج بريف دير الزور الشرقي، تعرضت لهجوم حينها. وقالت في بيان عبر صفحتها في "فيسبوك" إن الهجوم شنته مجموعات "مسلحة" تابعة لحكومة دمشق، وذلك في أثناء قيامها بتأمين عبور مجموعات من "المهربين" عبر النهر. أفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور أن عناصر "قسد" استهدفوا إحدى العبارات النهرية بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، ما أدى إلى مقتل أحد المدنيين.

مشاركة المقال: