الثلاثاء, 30 سبتمبر 2025 11:55 AM

ما الذي أفشل الاتفاق الأمني السوري الإسرائيلي المحتمل؟

ما الذي أفشل الاتفاق الأمني السوري الإسرائيلي المحتمل؟

جاد ح. فياض - كانت التوقعات عالية بشأن إمكانية توصل سوريا وإسرائيل إلى اتفاق أمني يتعلق بالوضع في الجنوب السوري. حتى أنه قيل إنه كان من المفترض أن يتم التوقيع على هذا الاتفاق على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع. ومع ذلك، لم يتم إبرام الاتفاق، وعزت وكالة "رويترز" السبب إلى إضافة بند من الجانب الإسرائيلي يتعلق بإنشاء ممر إنساني باتجاه السويداء، وهو ما رفضه الجانب السوري.

في الوقت الحالي، لا تبدو إسرائيل في عجلة من أمرها لإبرام اتفاق مع سوريا، خاصة وأنها عززت وجودها العسكري في المنطقة الجنوبية، مما أوجد منطقة آمنة وعازلة لا تشكل تهديدًا لها. من جهة أخرى، لا ترى سوريا مصلحة في اتفاق تعتبره "أحادي الجانب"، يضمن أمن إسرائيل دون تحقيق مكاسب مماثلة لسوريا، ويمنح إسرائيل حرية الحركة في الأجواء السورية ويفتح لها ممرًا إلى السويداء يمكنها من خلاله نقل الأسلحة.

هناك اعتقاد سائد بأن هدف إسرائيل ليس إنشاء ممر "إنساني" حقيقي إلى السويداء، لأنه لو كانت جادة في ذلك، لكانت ألقت المساعدات جوًا، وهو ما لم تفعله إلا بكميات قليلة. نانار هواش، كبير باحثي الشأن السوري في "مجموعة الأزمات الدولية"، يتحدث عن فشل الاتفاق بين تل أبيب ودمشق، وعن "الممر الإنساني"، ويقول لـ"النهار" إن الممر، كما يبدو، "كان عنصرًا من عناصر الخلاف لا أساسه".

يشير هواش إلى أن الاتفاق كان يميل لصالح إسرائيل على حساب سوريا، ويرى أن "جوهر الإشكال" يكمن في أن المقترح، كما طُرح، "لم يُبنَ على أمن متبادل"، بل على ترتيبات تكرس "هيمنة إسرائيلية" وتبقي سيادة سوريا "منقوصة"، من خلال بنود مثل الحظر الجوي وقواعد يُحتمل أن تكون دائمة على الأراضي السورية، مما يوحي بصيغة يُرجَّح أن دمشق "لا تقبلها".

فشل الاتفاق يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين تل أبيب ودمشق، ومستقبل السلطات السورية الحالية. كان يُنظر إلى الاتفاق المفترض على أنه ضمانة لسوريا من أي هجوم إسرائيلي أو محاولة لإضعافها أو إسقاط نظامها. كما كان من المتوقع أن يمهد الاتفاق الطريق نحو علاقات اقتصادية ومشاريع أنابيب نفط وغاز من الخليج نحو البحر الأبيض المتوسط.

وبالتالي، يُطرح سؤال حول إمكانية إعادة تنشيط المساعي الدبلوماسية لعقد الاتفاق. في هذا السياق، يستبعد هواش التوصل إلى اتفاق شامل في المدى المنظور. ويرى أن الأهداف الاستراتيجية للطرفين "متناقضة"؛ فإسرائيل ترى مصلحتها في بقاء سوريا "ضعيفة ومجزأة"، بينما "لا تستطيع" الحكومة السورية تقديم تنازلات تمس "جوهر السيادة" دون أن تفقد شرعيتها داخلياً.

غياب الاتفاق قد يعني عودة التصعيد في الجنوب السوري، خصوصاً في السويداء. ومن غير المستبعد أن تتوسع رقعة التصعيد لتشمل العمق السوري. وكانت إسرائيل قد استهدفت محافظات سورية مختلفة. ومن هذا المنطلق، يقول هواش إن أي محادثات مستقبلية "ستقتصر على الأرجح" على "إدارة التوترات ومنع التصعيد"، لا على حل شامل.

عدم توصل الطرفين إلى اتفاق سينعكس على سوريا أكثر منه على إسرائيل، لأن الأخيرة تفرض تفوقًا عسكريًا وسياسيًا. الباحث السوري يصف الوضع، ويقول إن السلطة في حالة "شلل استراتيجي: سيادة منقوصة، اقتصاد مكبّل، وحدود جنوبية هشّة"، وستظل عرضة للتدخلات العسكرية الإسرائيلية، وعدم التوصل إلى اتفاق "سيعوق" قيام الدول الداعمة لسوريا بضخ أي استثمارات تحتاج إليها.

لا تريد إسرائيل سوريا قوية على حدودها، متمكنة من أمنها واقتصادها، وتفضل استمرار حالة الضعف والتشرذم وحتى الفوضى القابلة للسيطرة، خصوصاً أنها في خضم عملية إعادة ترسيم حدود المنطقة، وحالة حرب مستمرة. لكن المصالح الإسرائيلية قد تتبدل عندما تنهي ترسيم المنطقة الجديدة، فتستدعي سوريا مستقرة تستقطب الاستثمارات، وحينها، قد يعود الحديث عن الاتفاق.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: