الخميس, 2 أكتوبر 2025 06:55 PM

اللاذقية: الصناعة الوطنية تحت وطأة التهريب وارتفاع التكاليف.. خبير يحذر من هيمنة البضائع الأجنبية

اللاذقية: الصناعة الوطنية تحت وطأة التهريب وارتفاع التكاليف.. خبير يحذر من هيمنة البضائع الأجنبية

تعاني الصناعة الوطنية في محافظة اللاذقية من ضغوط متزايدة نتيجة لانتشار البضائع الأجنبية، وخاصة المهربة، مما يهدد قدرتها على المنافسة والاستمرار. وبينما يفضل المستهلكون المنتجات الأجنبية لرخص أسعارها، يواجه الصناعيون والتجار أعباءً متصاعدة تشمل ارتفاع أسعار الوقود والمواد الأولية وأجور العمال، بالإضافة إلى تراكم المخزون بسبب ضعف المبيعات.

أكد الخبير الصناعي محمد درويش أن صناعات محلية عريقة مثل صناعة الجلود والألبسة تواجه منافسة شرسة من البضائع المهربة والرخيصة، مما يقلل من قدرتها التنافسية ويهدد بخروجها من السوق. واستجابة لمطالب أصحاب المشاغل والمصانع، دعت غرفة تجارة وصناعة اللاذقية إلى اجتماع موسع للاستماع إلى شكاوى الصناعيين.

تركزت أبرز المشكلات التي طرحها الصناعيون على ضعف الأسواق، وارتفاع تكاليف المواد الأولية وإيجارات المحلات والمنشآت، ونقص الكهرباء، وارتفاع تكاليف النقل، بالإضافة إلى الفوضى التي تسببها البسطات المنتشرة في الأسواق. وطالب الصناعيون بضبط التهريب بشكل كامل، خاصة الألبسة المستعملة (البالة)، وإعفاء المواد الأولية المستوردة من الرسوم الجمركية، وتوفير الكهرباء بشكل مستمر، وتقديم إعفاءات ضريبية لمعامل الألبسة لمدة سنتين على الأقل، مع التشديد على أهمية تحريك السوق عبر فك احتباس السيولة في البنوك، وتعزيز الأمن في المناطق الصناعية، وتأمين وسائل نقل عامة للعمال.

أوضح حسن اندرون، عضو غرفة تجارة وصناعة اللاذقية لصحيفة الحرية، أن الغرفة سترفع المقترحات إلى الجهات المعنية ومتابعتها عن كثب، مشيراً إلى أهمية التنسيق مع وزارة الاقتصاد لتفعيل استثمار بعض الورشات والمعامل العائدة ملكيتها للدولة في تصنيع الألبسة داخل المحافظة، بالإضافة إلى طرح كميات من إنتاج “معمل الشرق” للألبسة الداخلية للبيع عبر وزارة الاقتصاد. وأضاف أن هذه الخطوات، إلى جانب ضبط التهريب وتخفيف الأعباء الضريبية، يمكن أن تساهم في تعزيز قدرة المنتج الوطني على الصمود في وجه المنافسة الأجنبية.

من جانبه، شدد الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر على أن مستقبل النشاط الاقتصادي في اللاذقية مرهون بخلق توازن حقيقي بين التجارة والصناعة، مشيراً إلى أن ارتفاع تكاليف الطاقة وغياب الدعم الفعال لقطاع الصادرات يجعل المنتجات السورية أقل قدرة على المنافسة أمام منتجات دول الجوار، وخاصة التركية. وكشف أن حجم الاستيراد الكبير يشكل ضغطاً هائلاً على السوق المحلية، وأن التهريب بات يشكل خطراً إستراتيجياً على الاقتصاد السوري.

أوضح د. اسمندر أن أكثر من 80% من البضائع المعروضة حالياً في الأسواق السورية مصدرها لبنان أو تركيا، بسبب التراخي في مكافحة التهريب. ورغم أن هذه البضائع لا تقل جودة عن المنتج المحلي وتباع بأسعار أقل، إلا أن أثرها مدمر للصناعة الوطنية، حيث تدفع كثيراً من الصناعيين إما إلى إغلاق منشآتهم أو إلى التحول نحو التجارة عبر استيراد وبيع تلك البضائع.

واقترح اسمندر حزمة حلول، أبرزها: توفير احتياجات الصناعيين لزيادة قدرتهم التنافسية، تطوير برامج دعم نوعية للصناعة السورية لرفع الجودة وخفض الأسعار، التشدد في مراقبة الأسواق ومنع دخول البضائع المهربة، وفرض رسوم إغراق على المنتجات المستوردة النهائية مع الالتزام بالمعايير الصحية والبيئية.

يرى ناشطون اقتصاديون أن دعم المنتج الوطني ضرورة لتعزيز قوة الاقتصاد، بينما يرى المستهلكون أن المنتج المحلي لا يزال بعيداً عن التنافسية سواء من حيث السعر أو الجودة. ويؤكد الخبراء أن السوق لا تعترف بالعاطفة، وأن أي منتج يجمع بين الجودة والسعر المناسب هو الأجدر بالبقاء، سواء كان سورياً أم أجنبياً.

تتأرجح الصناعة الوطنية اليوم بين ضغوط التكاليف وتحديات التهريب والمنافسة، فيما تبقى الحاجة ماسة إلى خطة حكومية متكاملة تضمن للمستهلك سلعة جيدة وبسعر مناسب، وتمنح المنتج الوطني فرصة عادلة للاستمرار في السوق.

مشاركة المقال: