يشير الدكتور عبد الكريم بكار إلى ملاحظة شائعة في حياة الكثيرين، وهي أن أعمارهم تستهلك في السعي وراء صور الآخرين. يرى شبابًا غير سعيدين برواتبهم لأنهم يقارنونها بما يملكه زملاؤهم. ويرى نساءً لا يستمتعن ببيوتهن لأنهن يقمن حياتهن بناءً على ما يشاهدنه على الشاشات. كما يرى أشخاصًا يسافرون إلى بلدان بعيدة، ثم لا يكترثون بجمال ما بين أيديهم، بل ينشغلون بتصوير رحلتهم لإثبات أنهم في وضع أفضل.
يشترك هؤلاء جميعًا في شيء واحد: أنهم لم يعرفوا طعم الراحة أبدًا. فالشخص الذي يقارن نفسه بالآخرين لا يهنأ بنعمة، ولا يشكر على عطية، ولا يتذوق لذة إنجاز مهما كان عظيمًا. كل فرح لديهم قصير الأمد لأنه يقاس دائمًا بمعيار خارجي، وبحياة ليست حياتهم.
إن المقارنة المستمرة مرض صامت يسرق العمر في صراع وهمي لا ينتهي. فلكل إنسان رحلته الخاصة، ولكل واحد ابتلائه ونعمته، ومهما بدا ما عند غيرك كاملاً، ففيه من النقص ما لا تراه.
الحقيقة أن الحرية الحقيقية لا تكمن في كثرة المال أو الشهرة، بل في تحرر المرء من عقدة المقارنة. عندما يتوقف الإنسان عن قياس نفسه بالآخرين، يبدأ لأول مرة في رؤية نفسه على حقيقتها: نعمة فريدة، ورسالة خاصة، وطريق لا يشبهه أحد.
الراحة لا تتحقق بكثرة المكاسب، وإنما بالرضا، والرضا لا يسكن قلبًا مشغولًا بمقارنة دائمة. (أخبار سوريا الوطن1-صفحة الكاتب)