الأحد, 5 أكتوبر 2025 08:57 PM

ريجيس بلاشير: المستشرق الفرنسي الذي عشق اللغة العربية وآدابها

ريجيس بلاشير: المستشرق الفرنسي الذي عشق اللغة العربية وآدابها

أثناء قراءتي لكتاب "مع المتنبي" لطه حسين، استوقفني كثرة الإشارات والاقتباسات من أقوال الكاتب الفرنسي ريجيس بلاشير، مما أثار فضولي للتعرف عليه. لقد فوجئت بحجم اهتمام هذا الكاتب بالأدب العربي، بل وانحيازه الشديد له. وقد ساعدني في ذلك عثوري على كتابين عن بلاشير: الأول بعنوان "ريجيس بلاشير" للكاتب المغربي حسين الواد، والثاني بعنوان "أثر المستشرق الفرنسي ريجيس بلاشير في الدراسات القرآنية" للكاتبة العراقية رقية حيدر طاهر القاضي.

لكن ما هو سر عشق بلاشير للغة العربية وآدابها؟

ولد ريجيس بلاشير في حي مونروج بباريس عام 1900، وانتقل مع والديه إلى المغرب عام 1915، عندما كانت المغرب تحت الحماية الفرنسية. كان والده موظفاً في الإدارة الفرنسية. التحق ريجيس بمدرسة "مولاي يوسف" بالرباط، وتعلم فيها اللغة العربية، ثم التحق بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الجزائر. وبعد تخرجه عام 1922، عاد إلى المغرب ليعمل مدرساً في مدرسة "مولاي يوسف" التي تعلم فيها، والمثير للاهتمام أنه عاد لتدريس اللغة العربية. خلال دراسته، أتقن اللغة العربية إتقاناً تاماً، ثم عمل في معهد "الدراسات العليا المغربية".

اهتمام بالأدب العربي

في عام 1934، تجلى اهتمامه بالأدب العربي عندما حصل على شهادة الدكتوراه عن الشاعر العباسي أبي الطيب المتنبي. بعد ذلك، عُين أستاذاً للغة العربية في "المدرسة الوطنية للغات الشرقية". وفي عام 1936، أصبح أستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة السوربون، واستمر فيها حتى تقاعده عام 1970. بالتوازي مع عمله في التدريس، تولى بلاشير إدارة "معهد الدراسات الإسلامية"، وأسس عام 1956 "جمعية النهوض بالدراسات الإسلامية"، وعام 1962 "معهد المعجمية العربية". تقديراً لخدماته الجليلة للغة العربية وآدابها، منحه المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم) مرتبة عضو شرف فيه.

أحب بلاشير اللغة العربية وآدابها، وأحب أهلها العرب، لذلك دعم حركات التحرر العربية التي انطلقت في سوريا وتونس والمغرب ضد الاحتلال الفرنسي. وفي عام 1954، صرح قائلاً: "إنه لا يرى لتعقّد المسألة التي تطرحها بلدان ما وراء البحار 'يقصد المستعمرات' وتشعبها ودقتها إلا حلاً واحداً هو الاستقلال".

مؤلفات

توزعت مؤلفات ريجيس بلاشير عن الأدب العربي والدراسات الإسلامية في ثلاثة اتجاهات:

– التأليف باللغة الفرنسية: وضع فيها العديد من الكتب، من أهمها كتابه الضخم "تاريخ الأدب العربي من بدايته إلى القرن الخامس عشر ميلادياً" في ثلاثة أجزاء، وترجمه إلى العربية الدكتور إبراهيم الكيلاني، وأصدرته دار الفكر بدمشق عام 1965. وكتاب "أبو الطيب المتنبي – دراسة في التاريخ الأدبي" ترجمه إلى العربية الدكتور إبراهيم الكيلاني، وأصدرته دار الفكر بدمشق عام 1985. كما نشر الكثير من الدراسات عن الشعراء العرب من مختلف العصور في كبريات المجلات الفرنسية.

– التأليف باللغة العربية: وضع فيها العديد من الكتب، منها كتاب "شاعر عربي من القرن الرابع الهجري – أبو الطيب المتنبي" وكتاب "نحو العربية الفصحى" الذي ألفه بلاشير بالتشارك مع جودفري دي مونبين.

– الترجمة من العربية إلى الفرنسية: من الكتب التي ترجمها عن العربية "طبقات الأمم" لابن صاعد الأندلسي، كما ترجم القرآن الكريم، ووضع عنه كتاب "القرآن…نزوله وتدوينه وترجمته وتأثيره"، ترجمه إلى العربية رضا سعادة، وصدر عن دار الكتاب اللبناني عام 1974.

وهكذا أصبحت مؤلفات بلاشير مراجع للباحثين والدارسين في اللغة العربية وآدابها وفي التراث العربي الإسلامي بصورة عامة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: