دمشق-سانا: منذ أكثر من قرن من الزمان، لا تزال جائزة نوبل للآداب تحتل مكانة مرموقة كأعلى تكريم يمكن أن يحظى به كاتب أو شاعر على مستوى العالم. إنها تمثل اعترافًا بالإبداع الإنساني الذي "يمنح البشرية أعظم نفع"، كما جاء في وصية مؤسسها ألفريد نوبل (1833-1896)، الكيميائي السويدي ومخترع الديناميت.
تقدم سانا في هذا التقرير أبرز المعلومات والتفاصيل المتعلقة بجائزة نوبل للآداب، استنادًا إلى الموقع الرسمي للجائزة.
البدايات والتأسيس
في وصيته التي تعود إلى عام 1895، خصص نوبل جزءًا من ثروته لإنشاء خمس جوائز في مجالات العلوم والطب والسلام والآداب. تُمنح هذه الجوائز سنويًا للأفراد الذين يقدمون إنجازات فكرية أو علمية استثنائية تخدم البشرية. وبعد سنوات من الإجراءات القانونية، تأسست مؤسسة نوبل رسميًا في عام 1900، وتم منح أول جائزة في الأدب في عام 1901 للشاعر الفرنسي سولي برودوم.
تشرف الأكاديمية السويدية على الجائزة، وتتلقى سنويًا مئات الترشيحات من الجامعات والمؤسسات الأدبية واتحادات الكتاب حول العالم. يتم الإعلان عن اسم الفائز عادةً في شهر تشرين الأول، بينما يقام حفل التكريم في العاشر من شهر كانون الأول، وهو ذكرى وفاة نوبل.
معايير الاختيار
وفقًا لوصية نوبل، تُمنح الجائزة للأفراد الذين يبدعون في الأدب "عملاً ذا اتجاه مثالي". هذا التوصيف ظل موضع جدل واسع وتفسيرات متجددة على مر العقود. تقوم الأكاديمية السويدية بتقييم الأعمال بناءً على جودتها الفنية وعمقها الإنساني وتأثيرها الثقافي.
يشترط أن يكون المرشح على قيد الحياة عند إعلان الجائزة، ويجوز منح الجائزة لشخصين كحد أقصى في العام الواحد، على الرغم من أن الغالبية العظمى من الجوائز ذهبت لفائز واحد.
أبرز الفائزين عبر التاريخ
على مر السنين، حملت الجائزة أسماء لامعة في تاريخ الأدب العالمي، بدءًا من رابندرانات طاغور (الهند، 1913)، أول آسيوي يفوز بها، وصولًا إلى توماس مان (ألمانيا، 1929) وويليام فوكنر (الولايات المتحدة، 1949)، مرورًا بـ أرنست همنغواي (1954) وألبير كامو (1957)، ثم غابرييل غارسيا ماركيز (كولومبيا، 1982) الذي رسخ الواقعية السحرية في الرواية الحديثة.
في العقود الأخيرة، برزت أسماء مثل وولي سوينكا (نيجيريا، 1986)، وأورهان باموق (تركيا، 2006)، وهان كانغ (كوريا الجنوبية، 2024)، مما يؤكد الطابع العالمي للجائزة وانفتاحها على مختلف ثقافات العالم.
أدباء رفضوا الجائزة
لم تخلُ مسيرة نوبل من الجدل، حيث رفض بعض الأدباء استلامها لأسباب سياسية أو شخصية أو أيديولوجية. من بين هؤلاء:
- بوريس باسترناك (1958): الكاتب الروسي ومؤلف دكتور زيفاغو، مُنح الجائزة لكنه أُجبر من السلطات السوفييتية على رفضها.
- جان بول سارتر (1964): الفيلسوف والكاتب الفرنسي، رفضها طوعًا لأنه كان يرى أن الجوائز الرسمية تقيد حرية الكاتب.
- جورج برنارد شو (1925): في البداية رفض استلامها ساخرًا بقوله: "يمكنني أن أغفر لنوبل اختراع الديناميت، لكن لا أغفر له اختراع جائزة نوبل"، لكنه عاد في العام التالي وقبل الميدالية والتكريم، طالبًا أن يُستخدم المبلغ المادي في ترجمة كتبه إلى اللغات الإسكندنافية.
العرب في نوبل… حضور متأخر وبصمة واحدة
حتى اليوم، يبقى الأديب المصري نجيب محفوظ الاسم العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل في الآداب عام 1988، عن مجمل أعماله الروائية التي صورت التحولات الاجتماعية في مصر بعمق فلسفي وإنساني. وقد اعتبرت الأكاديمية السويدية يومها أن محفوظ "صاغ فنًا روائيًا عربيًا ينتمي إلى الإنسانية جمعاء".
بحسب أرشيف الأكاديمية السويدية حتى عام 1971، ظهر في قوائم نوبل خمسة كتاب عرب، اثنان من مصر هما طه حسين الذي رُشح مرات عدة منذ عام 1949، وتوفيق الحكيم الذي رُشح سنة 1969، ومن لبنان ميخائيل نعيمة وجوزيف دورة حداد وجواد بولس الذين رُشحوا عامي 1970 و 1971. ورغم أن هذه الترشيحات لم تتوج بالفوز، إلا أنها عكست بداية انفتاح الأدب العربي على الوعي الأدبي العالمي في منتصف القرن العشرين.