السبت, 11 أكتوبر 2025 12:49 PM

إيران بين خياري التفاوض وانتظار نهاية حقبة ترمب: مستقبل العلاقات الدولية على المحك

إيران بين خياري التفاوض وانتظار نهاية حقبة ترمب: مستقبل العلاقات الدولية على المحك

شبكة أخبار سوريا والعالم/ تواجه طهران مفترق طرق حاسماً، حيث تدرس العودة إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد، أو رفض أي اتفاق يمس برنامجها الصاروخي، مع انتظار انتهاء ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسياسة «الضغوط القصوى» التي يتبعها ضدها.

أشار مهدي سنائي، المستشار السياسي للرئيس الإيراني، إلى أن قضية «إيران ما بعد الاتفاق النووي» والتطورات التي تلت تفعيل آلية «سناب باك» للعودة التلقائية إلى العقوبات الأممية، قد أثارت تساؤلاً جوهرياً أمام الجمهورية الإسلامية حول كيفية تعديل علاقاتها مع المجتمع الدولي، وطبيعة نظرتها إلى النظام العالمي الجديد.

وخلال ندوة دبلوماسية في طهران، تساءل سنائي: «هل ستنتظر إيران حتى نهاية الإدارة الأميركية الحالية أم ستتبنى نهجاً جديداً من الحوار؟». ووصف الاتفاق النووي لعام 2015 بأنه «إحدى همزات الوصل المهمة التي ربطت إيران بهياكل النظام العالمي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن»، لافتاً إلى «إزالة بعض التهديدات ورفع العديد من العقوبات بموجب الاتفاق».

وفيما يتعلق بتبني إيران لأحد النهجين المحافظ أو «الثوري» تجاه النظام العالمي، أوضح سنائي أن «كلا النهجين حاضر في الدستور الإيراني؛ فمن جهة هناك تأكيد على دعم الشعوب وحركات التحرر، ومن جهة أخرى اعتراف بالدول ومبادئ السيادة الوطنية»، معتبراً أن الاتفاق النووي «شكل إلى حد ما رمزاً لاعتماد النهج الثاني، أي القبول بالبُنى والهياكل الدولية».

وأشار إلى تساؤل يطرحه الكثيرون حول خطة البلاد للمستقبل، قائلاً: «هل هناك احتمال للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً أم ستواصل البلاد سياسة المقاومة؟». وأضاف: «إيران خلال السنوات الماضية اتبعت نهجاً وسطاً؛ فمن ناحية تمسكت بمبادئها وثوابتها، ومن ناحية أخرى سعت إلى المضي في مسار الحوار».

وفي فبراير (شباط) الماضي، استأنف ترمب استراتيجية الضغوط القصوى التي بدأها في ولايته الأولى ضد طهران. وبعد ذلك بشهر، وجه رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، وأسفر تبادل الرسائل عن مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، استمرت خمس جولات لكنها تعثرت بعد اشتراط الولايات المتحدة تخلي طهران عن برنامج تخصيب اليورانيوم. ووجهت الولايات المتحدة ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، في يونيو (حزيران) في إطار الحرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل.

في المقابل، أطلقت طهران استراتيجية «السير على حافة الهاوية» التي عرفت أيضاً باسم «الصبر الاستراتيجي» لمواجهة الضغوط الأميركية خلال فترة ترمب الأولى. لكنها تواجه حالياً ضغوطاً متزايدة نظراً لإجماع أميركي وأوروبي على مواجهة برنامجها النووي القريب من عتبة الأسلحة.

والشهر الماضي، أعادت الأمم المتحدة فرض حظر على الأسلحة وعقوبات أخرى على إيران بسبب برنامجها النووي، في أعقاب عملية أطلقتها القوى الأوروبية، وحذرت طهران من أنها ستقابل برد قاسٍ.

وبادرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإطلاق آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بسبب اتهامات بانتهاكها للاتفاق الذي أُبرم عام 2015 بهدف منعها من تطوير قنبلة نووية. وتنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

ومع إعادة العقوبات الأممية على طهران، تلوح في الأفق بوادر مواجهة بين إيران والولايات المتحدة، مع تنامي القلق من عمليات تفتيش قد تطول السفن الإيرانية، في وقت تسود فيه مخاوف من تجدد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية.

وحول إعادة العقوبات بموجب تحرك أوروبي، قال سنائي إن «التساؤل القائم يدور حول ما إذا كانت ستعقد أي محادثات جديدة بين إيران والقوى الكبرى، وما الدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا فيها؟».

ورأى سنائي، الذي شغل منصب السفير الإيراني السابق لدى روسيا، أن «إيران تمتلك خبرة واسعة في مواجهة العقوبات، ولن تتوانى عن الصمود أمام إعادة فرضها»، مشدداً على أن تقليل آثار آلية «سناب باك» يعد أولوية لطهران. وأبدى استغرابه من «ابتهاج بعض الأطراف بعودة العقوبات».

وعلى الصعيد الدولي، قال سنائي إن انقساماً غير مسبوق قد برز داخل المجلس، حيث اعتبر عضوان دائمان يتمتعان بحق النقض (الفيتو) – في إشارة إلى روسيا والصين – أن إعادة فرض العقوبات على إيران غير قانونية، بل صوّتا ضد القرار المعني بها. ووصف هذا الانقسام بأنه غير مسبوق في تاريخ المجلس، ويمكن أن يفتح أمام إيران آفاقاً دبلوماسية جديدة في المستقبل».

وقال سنائي إنه «رغم أن العقوبات الأممية غير مرغوبة والخروج منها يستغرق وقتاً، فإن تجربة إيران مع العقوبات الأحادية وسياسة (الضغوط القصوى) التي انتهجتها الولايات المتحدة بين عامي 2017 و2021 جعلت البلاد أكثر قدرة على مقاومة الضغوط».

أما علي حاج أكبري، خطيب صلاة الجمعة المؤقت وممثل المرشد الإيراني، فقد سخر من الدعوات الأوروبية لطهران بشأن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال: «من السخافة أن يقال لنا: اذهبوا وتعاونوا مع الوكالة! من الذي خان العهد مراراً وتكراراً؟ إنكم أنتم الدول الأوروبية. ألم تكونوا أنتم من أفسد الأمر؟ والآن يفترض بنا أن نذهب ونحن نتعاون؟ ما شأنكم بالبرنامج الصاروخي الإيراني؟ نحن أقوياء وسنصبح أقوى، ولن ننتظر توجيهاتكم التافهة. كفوا عن هذيانكم الذي لا قيمة له».

وقال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، إبراهيم رضائي، إن القوات المسلحة الإيرانية في أعلى درجات الجاهزية، مضيفاً أنها «ستوجه رداً مضاعفاً على أي اعتداء يصدر عن العدو».

وأضاف في تصريح لوكالة «مهر» الحكومية إن «تفعيل الآلية قد يؤدي في النهاية إلى إعادة تفعيل ستة قرارات لمجلس الأمن ضد بلادنا، لكن تطبيقها لن يخلق وضعاً أسوأ من الراهن. الأهم من ذلك هي العقوبات الأميركية، إذ إن تأثيرها يفوق بكثير عقوبات أوروبا أو مجلس الأمن».

ووصف الخطوة الأوروبية بأنها «غير قانونية وظالمة»، مضيفاً: «يجب أن نستعد لتحييد العقوبات وعدم السماح بزعزعة استقرار المجتمع».

ولفت رضائي إلى أن «الاستعدادات الدفاعية والقتالية للجمهورية الإسلامية اليوم أعلى بكثير من قبل أربعة أشهر»، في إشارة إلى حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل. ودعا الإيرانيين إلى «مواصلة حياتهم الطبيعية وعدم القلق من الحرب»، مضيفا أن «النظام المعادي، رغم تهوره واقترابه من الانهيار، ليس قادراً حالياً على تنفيذ هجوم».

ومن المقرر أن يتوجه وزير الخارجية عباس عراقجي، لحضور اجتماع لجنة المادة 90 التي تراقب أداء الحكومة، وتنفيذ تشريعات البرلمان، حسبما أظهرت أجندة البرلمان الإيراني للأسبوع المقبل.

وكان عراقجي قد عقد اجتماعاً مع أعضاء لجنة الأمن القومي، الاثنين الماضي، وناقش حصيلة مشاوراته على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

مشاركة المقال: