مع دخول فصل الشتاء، تتفاقم معاناة سكان محافظة دير الزور بشرق سوريا، حيث يشتد خطر البرد القارس على العائلات التي تعاني من نقص حاد في وسائل التدفئة الأساسية، ونقص في مادة المازوت، وتدهور البنية التحتية للمنازل، وضعف الدعم الإنساني والحكومي.
لا مازوت ولا أبواب تقي برد الشتاء
يصف منير الحمد، أحد سكان دير الزور، الوضع قائلاً لمنصة سوريا 24: "في فصل الشتاء، يفتقد المواطن لأبسط مقومات الحياة، وأهمها المازوت. غالبية حقول النفط في المحافظة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ولا نحصل على نصيبنا العادل من هذه الثروة."
ويضيف الحمد: "معظم البيوت متصدعة، بلا أبواب ولا شبابيك. في الصيف قد لا يشعر المرء بالفرق، لكن مع قدوم الشتاء البارد، تصبح هذه الثغرات كارثة حقيقية." ويشير إلى أن تكلفة التدفئة ارتفعت بشكل كبير، حيث "أرخص مدفأة في السوق لا تقل عن 50 دولاراً،" وهو مبلغ يفوق قدرة الأسر الفقيرة. ويكشف أن "البدائل الوحيدة المتاحة هي الكرتون والبلاستيك،" وهي مواد غير آمنة وقد تعرض السكان لمخاطر صحية وحرائق.
بحسب تقديراته، فإن "مصروف أقل عائلة خلال فصل الشتاء لا يقل عن 300 دولار أمريكي،" موزعة بين شراء وقود التدفئة، وإصلاحات بسيطة للمنزل، وشراء أغطية وملابس شتوية، وهي مصاريف تفوق دخل الأغلبية في ظل انهيار الاقتصاد المحلي.
الحطب نادر والبديل إطارات مشتعلة
يؤكد مالك العبيد، وهو مواطن آخر من دير الزور، لمنصة سوريا 24 أن "تحديات الشتاء في المنطقة الشرقية من المحافظة تتفاقم بسبب نقص حاد في مادة المازوت، وكذلك في مصادر التدفئة البديلة مثل الحطب."
ويوضح أن "الحطب كان مصدراً رئيسياً للعوائل الفقيرة، لكنه أصبح نادراً بسبب الجفاف المستمر وقلة هطول الأمطار، ما أدى إلى تناقص الغطاء النباتي والأشجار." ويشير العبيد إلى أن اليأس دفع بعض السكان إلى استخدام "مواد غير صحية للتدفئة، مثل الإطارات القديمة والبلاستيك،" ما ينعكس سلباً على صحة الأطفال والكبار على حد سواء، ويزيد من تلوث الهواء داخل المنازل.
النفط تحت سيطرة "قسد" والكهرباء غائبة
يربط العبيد أزمة الوقود بـ"استيلاء قسد على منابع النفط في دير الزور واستغلالها لصالحها الخاص، حيث تبيع المشتقات النفطية بأسعار مرتفعة، بينما يُحرم السكان المحليون من نصيبهم العادل من هذه الثروة الوطنية." ويضيف أن "الاعتماد على الكهرباء كوسيلة بديلة للتدفئة أمر مستحيل،" إذ إن "البنية التحتية لتوليد الطاقة منهارة، ولا توجد شبكة كهرباء مستقرة، حتى في المدن الرئيسية." ويشدد على أن "إعادة تأهيل قطاع الطاقة يتطلب دعماً محلياً ودولياً عاجلاً."
نداء لإنقاذ "محافظة منكوبة"
يختتم العبيد حديثه بنداء عاجل: "دير الزور محافظة منكوبة. عصابات النظام دمرتها وشرّدت سكانها، واليوم نعيش في ظل غياب كامل للخدمات الأساسية، لذا نطالب بحل سياسي عادل مع قسد يضمن إعادة الثروات النفطية إلى أهلها، وتوزيعها بشكل عادل على جميع المحافظات، وخاصة دير الزور التي تنتج النفط لكن سكانها يموتون برداً."
واقع 90% من الناس شبه متشابه
من جانبه، نقل مثنى الخرابة، من سكان دير الزور، الواقع مع حلول الشتاء، قائلاً لمنصة سوريا 24 إن واقع الأهالي متشابه بنسبة 90%، ومن يريد تعبئة 50 لتراً من المازوت يحتاج إلى 600 ألف ليرة، ولا يبقى من راتبه سوى 200 ألف ليرة، بينما عليه دفع إيجار السكن، وإذا لم يدفع الإيجار فلا تكفي البقية حتى لشراء خبز الشهر. أما الحطب، فطنٌ واحدٌ منه يكلف 750 ألف ليرة، وإذا أراد شراء مدفأة صغيرة مع بوريها وعكوسها، فسيحتاج إلى 650 ألف ليرة، في حين أن الجميع ينتظر الراتب، وقد مضى على صرف الرواتب ثلاثة أو أربعة أيام حتى استلمها الناس، حسب كلامه.
غياب الدعم الإنساني
ويؤكد المتحدثون أن "لا منظمات إغاثية قامت حتى الآن بتوزيع المازوت أو تقديم مساعدات شتوية،" رغم اقتراب ذروة البرد. وأشاروا إلى أن الكارثة الكبرى تكمن في أن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذين يشكّلون أساس الاقتصاد الوطني، انسحقوا وأصبحوا من أهل الفقر، حسب تقديراتهم.