يتصاعد الجدل السياسي في ألمانيا بشأن مصير مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المقيمين فيها. يأتي ذلك بعد أن بدأت بعض الأحزاب اليمينية، وعلى رأسها حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، بالمطالبة بترحيلهم، معتبرةً أن "وقتهم في ألمانيا انتهى".
في مداخلة برلمانية حديثة، دعا النائب غوتفريد كوريو إلى تنفيذ ما وصفه بـ"التحول الحقيقي في سياسة اللجوء السورية"، مطالباً بوقف استقبال السوريين الجدد والشروع في إعادة الموجودين إلى بلادهم. وزعم أن سوريا "تحررت من حكم الأسد" وأصبحت "آمنة بما يكفي لعودة اللاجئين".
لكن الواقع الميداني لا يدعم هذه الرؤية المتفائلة. فالحرب السورية التي "انتهت رسميًا" في ديسمبر 2024 بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة هيئة تحرير الشام (HTS) على السلطة، لم تضع حدًا للفوضى والمعاناة في البلاد. لا تزال ملايين الأسر السورية بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بينما تعاني البلاد من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وتدهور اقتصادي واسع، وتوترات أمنية متقطعة في مناطق متعددة.
تحذر جهات حقوقية ألمانية من أن أي قرار بإلغاء حماية اللاجئين أو ترحيلهم سيؤدي إلى "كارثة إنسانية". وتوضح أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) سيُطلب منه مراجعة كل ملف على حدة، وهو ما سيشكل عبئًا إداريًا وقضائيًا ضخمًا قد يستمر لسنوات.
كما تطرح المسألة بُعدًا أخلاقيًا عميقًا، حيث يتساءل المقال: هل من العدل ترحيل عائلات وأطفال ولدوا أو ترعرعوا في ألمانيا إلى بلد ما زال يواجه الانهيار الاقتصادي والمخاطر الأمنية؟
ويختتم التقرير بتساؤل نقدي: هل حقًا انتهى وقت السوريين في ألمانيا؟ أم أن هذه الدعوات السياسية تتجاهل حقيقة أن الحرب قد غيرت وجهها، لكنها لم تنتهِ بعد؟
المقال يصف الموقف الألماني حاليًا بأنه "سير على الحبل المشدود" بين ضغوط الداخل السياسية، وواقع الخارج الإنساني، في ملف يبقى من أكثر القضايا حساسية في أوروبا.