الأربعاء, 15 أكتوبر 2025 05:03 PM

الرقة: أزمة قطع الأشجار بين ضرورات المعيشة ومخاطر التدهور البيئي

الرقة: أزمة قطع الأشجار بين ضرورات المعيشة ومخاطر التدهور البيئي

تشهد مدينة الرقة تزايدًا ملحوظًا في قطع الأشجار الحراجية داخل الأملاك الخاصة، حيث يتجه عدد متزايد من السكان إلى استخدامها في التدفئة والطهي، وذلك في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات وتراجع جودتها مع اقتراب فصل الشتاء. وقد أثارت هذه الممارسات جدلاً واسعًا بين الأهالي، حيث انقسمت الآراء بين من يعتبرها حقًا مشروعًا لصاحب الأرض، وبين من يحذر من انعكاساتها السلبية على البيئة والمشهد الجمالي في المدينة وريفها.

يقول عمر الحسن، أحد سكان الرقة: "الأشجار التي أقطعها تقع ضمن أرضي الخاصة، وأنا أستخدمها لتدفئة عائلتي في الشتاء. أحيانًا أضطر إلى إزالة بعض الأشجار لتوسيع أرضي الزراعية، وهذا برأيي حق طبيعي لا ينبغي أن يُمنع."

في المقابل، يعرب ناشطون بيئيون عن قلقهم إزاء التوسع العشوائي في عمليات القطع، لما يسببه من تدهور بيئي وتشويه للمنظر الطبيعي. ويقول مصطفى الجاسم، ناشط بيئي من الرقة: "حتى وإن كانت هذه الأشجار ضمن أملاك خاصة، فإن الإكثار من قطعها يهدد التوازن البيئي ويشوّه الجمال الطبيعي الذي يميز قرانا. يجب أن تكون هناك ضوابط قانونية تنظم هذه العملية وتحمي الغطاء النباتي من الزوال."

من جهة أخرى، أصبحت تجارة الخشب الناتجة عن قطع الأشجار مصدر دخل رئيسي للعديد من العائلات في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، حيث يصل سعر الطن الواحد من الخشب إلى نحو 200 دولار أمريكي، مما يجعل هذه التجارة مجزية في موسم الشتاء.

ويقول سامر الدرويش، أحد تجار الخشب في المدينة: "الطلب على الخشب كبير جدًا في الشتاء، وهذا يخلق فرص عمل حقيقية للكثير من الأهالي. نحن نشتري الأشجار من أصحاب الأراضي بأسعار مناسبة ونبيعها بعد التقطيع، مما يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي."

ويرى مراقبون أن الحل يكمن في إيجاد توازن بين حاجة السكان إلى مصادر التدفئة وبين حماية البيئة والمظهر الجمالي. كما تتزايد الدعوات إلى سن قوانين محلية تنظم عمليات القطع وتشجع على زراعة أشجار بديلة تضمن استدامة الموارد الطبيعية وتحافظ على هوية الرقة الخضراء.

مشاركة المقال: