الجمعة, 17 أكتوبر 2025 01:05 AM

منتدى إقليمي في دمشق يبحث تأثير عودة اللاجئين على سوق العمل السوري

منتدى إقليمي في دمشق يبحث تأثير عودة اللاجئين على سوق العمل السوري

استضافت دمشق منتدى إقليميًا ثلاثيًا نظمته منظمة العمل الدولية، تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، لمناقشة آثار عودة اللاجئين السوريين والتطورات الاجتماعية والاقتصادية على سوق العمل في سوريا والدول المجاورة.

وحضر المنتدى، الذي تابعته عنب بلدي، ممثلون عن الحكومات ومنظمة العمل الدولية، بالإضافة إلى ممثلين عن العمال وأرباب العمل من سوريا وتركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، إلى جانب خبراء ومراقبين إقليميين ووكالات الأمم المتحدة.

دعم تعافي سوق العمل في سوريا

أكدت مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، الدكتورة ربا جرادات، في حديث لعنب بلدي، أن أكثر من مليون لاجئ سوري عادوا إلى سوريا منذ كانون الأول 2024، بالإضافة إلى عودة أكثر من مليون و700 ألف نازح داخلي إلى مجتمعاتهم. وأشارت إلى أن العائدين يواجهون "واقعًا صعبًا جدًا"، حيث يعيش حوالي 90% من السوريين في فقر، ولا تتجاوز نسبة فرص العمل المتاحة للنساء 15%، مع تزايد عمل الأطفال بسبب الصعوبات الاقتصادية وغياب منظومة فعالة للحماية الاجتماعية.

وأوضحت جرادات أن منظمة العمل الدولية تعمل في سوريا مع شركائها الاجتماعيين، من عمال وأصحاب عمل ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبدعم من الشركاء الدوليين، على خطة عمل لدعم سوريا تتضمن عدة محاور أساسية. وتشمل هذه الخطة تدريب العمال على المهارات اللازمة لإعادة الإعمار، وإجراء مسح شامل للقوى العاملة في البلاد، لتمكين المنظمة والجهات الداعمة من وضع خطط دقيقة لدعم سوق العمل السوري. كما يركز جزء كبير من عمل المنظمة على تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية وتنفيذ برامج تشغيل كثيفة العمالة للمساهمة في إعادة بناء البنية التحتية.

وشددت جرادات على أهمية ضمان السلامة والصحة المهنية من خلال إنشاء أنظمة تضمن بيئة عمل آمنة، لافتة إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل أكثر من 92% من القطاع الخاص السوري، تواجه صعوبات في الحصول على التمويل، مما يجعل دعمها أولوية رئيسية في برامج المنظمة. وأكدت أن جهود المنظمة تستهدف جميع العاطلين عن العمل داخل سوريا، بهدف إعادة تأهيل سوق العمل السوري والنهوض به تدريجيًا.

تحسين شروط العمل

أكدت معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، الدكتورة رغداء زيدان، لعنب بلدي، أن الوزارة تولي أولوية لتحسين بيئة العمل وضمان شروط العمل اللائق، من خلال تعاون مستمر مع نقابات العمال وأصحاب العمل ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية. وأوضحت أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على نشر الوعي بأهمية التأمين الاجتماعي، وتراجع حاليًا جميع القوانين القديمة، مثل قانون التأمينات وقانون العمل رقم "17" وقوانين الصحة والسلامة المهنية، بالتنسيق مع أطراف العمل الثلاثة، لتحقيق توازن في سوق العمل وتطبيق معايير العمل اللائق المعتمدة من منظمة العمل الدولية.

وبينت زيدان أن الوزارة تُنجز خطوات مهمة في مجالات تفتيش العمل وتنظيمه والتوعية بأهمية الضمان الاجتماعي وتأمين العمال، مؤكدة أن هذه الجهود تهدف إلى تعزيز الثقة بين العمال وأصحاب العمل والمساهمة في دعم عملية إعادة الإعمار. وفيما يتعلق باستغلال بعض العمال في القطاع الخاص، أوضحت زيدان أن الوزارة تتابع هذه الحالات ميدانيًا عبر لجان تفتيش مختصة، لضمان تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية والالتزام بمعايير السلامة والصحة المهنية، مؤكدة أن الوزارة لن تتهاون في أي انتهاك لحقوق العمال.

بيئة أعمال أكثر تمكينًا

أشار رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، محمد أيمن المولوي، خلال المنتدى، إلى أن إعادة بناء الاقتصاد السوري يتطلب مشاركة جميع الأصوات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز التواصل مع أعضائها وفهم احتياجاتهم بشكل أفضل. وأوضح أن الغرفة تحتاج إلى تطوير قدراتها الداخلية عبر أدوات رقمية وشراكات جديدة، مشيرًا إلى وجود إمكانات كبيرة للتعاون مع السوريين في الشتات، لما يمتلكونه من مهارات وموارد ورغبة في المساهمة بإعادة الإعمار.

وأكد المولوي أن غرفة صناعة دمشق وريفها تحتاج إلى دعم حقيقي لتهيئة بيئة أعمال أكثر تمكينًا، بما يتيح عودة الصناعات إلى العمل والنمو، مبينًا أن الأولوية تتمثل في توفير الطاقة بأسعار مناسبة لتشغيل المصانع، وتسهيل القروض والمنح منخفضة الفائدة لدعم الشركات المتضررة وتشجيعها على الاستثمار وتحسين ظروف العمل. ودعا إلى دعم سياسات التجارة العادلة وتوسيع الانفتاح، بالتوازي مع برامج تدريبية تواكب احتياجات القطاع الصناعي، ولا سيما للشباب والنساء والعائدين. كما شدد على ضرورة إعادة بناء سلاسل التوريد المحلية لربط الصناعات السورية بالأسواق العالمية وتعزيز قدرتها التنافسية.

ولفت المولوي إلى أن المشاريع التي تقودها النساء أثبتت قدرتها على إحداث أثر اجتماعي واقتصادي ملموس في مجتمعاتها. وفي سياق تعزيز العلاقات الإقليمية، أشار المولوي إلى أن الغرفة تعمل على بناء شراكات صناعية عابرة للحدود مع دول الجوار مثل الأردن ولبنان، بالاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA)، بهدف ربط المنتجين السوريين بالموردين والعملاء في المنطقة. وختم المولوي بالتأكيد على أن أي نهضة اقتصادية لا تكتمل دون شمول جميع الفئات، من نساء وشباب وأقليات وعائدين، داعيًا إلى برامج تدريبية وحوافز للتوظيف الشامل، وتعزيز التعاون مع الشتات السوري لجذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة.

واختتم المنتدى أعماله بعرض وثيقة المسودة النهائية للمناقشات الأولية ووجهات النظر المشتركة التي انبثقت عن المنتدى الثلاثي الإقليمي، استرشادًا بمعايير العمل الدولية وتوصية منظمة العمل الدولية رقم "205" لعام 2017، بشأن الاستخدام والعمل اللائق من أجل السلام والقدرة على الصمود، وبما ينسجم مع نهج الترابط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام. وتشكل الوثيقة إطارًا لمواصلة الحوار والتعاون الثلاثي بشأن ديناميات أسواق العمل المتغيرة في المنطقة.

مشاركة المقال: