وصل الاتفاق النووي الإيراني، الذي وصف بـ "التاريخي"، إلى نهايته الرسمية يوم السبت، على الرغم من أن تفعيله توقف فعلياً منذ أواخر سبتمبر بعد إعادة فرض الأمم المتحدة عقوبات على إيران. الاتفاق، الذي أبرم بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) بعد سنوات من المفاوضات، كان يهدف إلى تقييد الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن، وتم التصديق عليه لاحقاً في الأمم المتحدة بموجب القرار 2231.
كان الهدف الرئيسي من الاتفاق، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، هو الحد من الأنشطة النووية الإيرانية، التي يُشتبه في أنها ذات طبيعة عسكرية، تحت ستار برنامج مدني، مقابل تخفيف العقوبات الدولية التي كانت تخنق الاقتصاد الإيراني. وأعلنت إيران يوم السبت أنها لم تعد ملتزمة بأي قيود، مؤكدة أن جميع بنود الاتفاق قد انتهت رسمياً، مع الإشارة إلى استمرار الانفتاح على الدبلوماسية.
لماذا انتهى الاتفاق قبل موعده؟ كان من المفترض أن يستمر الاتفاق حتى 18 أكتوبر 2025، أي بعد عشر سنوات من اعتماد القرار الأممي، لكن هذا الأجل "فقد معناه تماماً"، بحسب الخبيرة كيلسي دافنبورت من جمعية الحد من التسلح. فمع إعادة فرض العقوبات في 28 سبتمبر بعد موافقة مجلس الأمن الدولي، أصبح الاتفاق باطلاً من الناحية العملية. فرنسا وبريطانيا وألمانيا (المجموعة المعروفة باسم مجموعة الثلاثة) طلبت هذا الإجراء، متهمة إيران بانتهاك التزاماتها، خاصة من خلال تكديس مخزون من اليورانيوم المخصب يتجاوز بأكثر من 40 مرة الحد المسموح به بموجب الاتفاق.
فقد الاتفاق مضمونه الفعلي منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 بقرار من الرئيس دونالد ترامب، مما دفع إيران إلى التراجع تدريجياً عن التزاماتها. تفاقم الوضع بعد الحرب التي اندلعت في منتصف يونيو عندما قصفت إسرائيل، بمشاركة أميركية، منشآت نووية وصناعية إيرانية، مما أسفر عن مقتل نحو ألف شخص.
أين وصلت الدبلوماسية؟ أعلنت دول مجموعة الثلاثة الأسبوع الماضي عن تصميمها على استئناف المفاوضات مع طهران للتوصل إلى اتفاق شامل ودائم وقابل للتحقق يضمن عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً. لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رفض المقترح، متسائلاً عن "النتائج الإيجابية الممكنة"، وقال إن "الاتفاق الشامل هو نتيجة مفاوضات شاملة، ولم نجر مفاوضات مماثلة يوماً". من جهته، قال ترامب الاثنين إنه يرغب في التوصل إلى اتفاق سلام مع إيران، مضيفاً أن الكرة الآن في ملعب طهران. لكن عراقجي رد متسائلاً: "أي مصداقية يمكن أن نمنحها ليد ممدودة بالسلام، وهي اليد نفسها التي شاركت في قصف إيران؟".
ما المتوقع لاحقاً؟ يرى مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز أن "موت الاتفاق النووي أمر جيد" لأن "الطرفين يمكنهما أخيراً الانتقال إلى طرح أفكار جديدة". وتعتقد دافنبورت أيضاً أن انتهاء الاتفاق "قد يفتح المجال أمام حلول مبتكرة للأزمة النووية الإيرانية". وأكدت أن "الدبلوماسية تبقى الخيار الوحيد القابل للحياة"، مشيرة إلى أن "ضربات يونيو أظهرت حدود القوة". لكنها حذرت من أن "إيران لم تعد أولوية بالنسبة لترامب الذي يبدو مقتنعاً بأن الضغط الكافي سيدفع طهران للاستسلام". واعتبرت دافنبورت أنه "كلما طال الجمود من دون مفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران ومن دون وجود للوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، زاد خطر تجدد النزاع".
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-رأي اليوم