الإثنين, 20 أكتوبر 2025 09:49 PM

العربيزية: هل هي حداثة زائفة أم خطر يهدد اللغة العربية؟

العربيزية: هل هي حداثة زائفة أم خطر يهدد اللغة العربية؟

تبدأ القصة برسالة نصية: "هاي بيبي، مودي اليوم كتير باد، وكتير هارد إني سي يو، بشوفك تمورو… أمواااه". ترجمة هذه الشيفرة تعني: مزاجي سيئ، وصعب رؤيتك، أراك غداً، مع قبلة طويلة. والرد: "سويتي، أنا كتير Hazeen لأنو ما بدّي سي يو تودي، أنا رايح عالـ college وبس come back بمرّ عليكي… تشاو".

هل وصلت بنا الحال إلى أن اللغة العربية لم تعد قادرة على استيعاب مشاعر الشباب وأفكارهم، ليضطروا إلى هذا التهجين اللغوي بين العربية والإنجليزية، أو ما يعرف بـ "العربيزي"؟ هل نفدت مفردات الشعر والوجدان، وتقزمت بحور الاستعارات والتشبيهات في لغتنا، حتى نشهد هذا الاجتياح للرموز والكلمات التي تحتاج إلى سحر هاروت وماروت أو نبوءات نوستراداموس لفك طلاسمها؟

اغتيالُ اللغاتِ الأمّ!

يشير أحد الباحثين إلى أن جزءاً من الخطة الخبيثة التي اتبعتها أمريكا لاغتيال "الهندي الأحمر" كانت تقوم على فكرة: "إذا أردت أن تغتال شعباً، اجعله يخجل من لغته". هذه الفكرة المرعبة عن "اغتيال اللغة" تتبادر إلى ذهني عندما أرى مراهقين سوريين يتحدثون بلغة غير مفهومة، أقرب إلى الهمهمة والرموز المختصرة التي يستخدمونها في رسائلهم على الموبايل أو الفيسبوك، خليط من مصطلحات إنجليزية بلفظ فرنسي. هذه الرموز تخلق نوعاً من الألفة بين الشباب، ضمن مجموعة معينة تتبع نفس الموضة.

الأمر المخيف هو هذه "اللغة" الهجينة. وبالتأكيد، لا نتحدث هنا عن لغات القوميات السورية غير العربية، مثل الكردية والسريانية وغيرها. ولكن من أخبر هؤلاء الشباب أن اللغة العربية ليست جميلة، وأنه يجب إزاحتها من طريقهم؟ من أين أتت فكرة أننا سنكون "حضاريين" أكثر إذا تحدثنا الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، ومستعدين لشراء قواميس اللغات الأجنبية لإثبات ثقافتنا، بينما نخجل من قول كلمتين باللغة العربية الفصحى، وننزعج من مجرد التفكير في قاموس اللغة العربية إذا واجهتنا كلمة صعبة؟

هل نسينا عمر أبو ريشة وبدوي الجبل وسعيد عقل ومحمود درويش ونزار قباني وأحمد شوقي ومحمد مهدي الجواهري، ومئات الشعراء والأدباء والفلاسفة؟ هل يمكن أن نتجاهل التراث الغنائي العربي الفصيح الذي غنته أم كلثوم، ونقله الأخوان رحباني عن كنوز الشعر الأندلسي؟ بل أشعار الأخوين رحباني الساحرة الرقيقة؟ بالطبع، هذه مجرد أمثلة قليلة من خزان التراث العربي العملاق.

أن نكونَ متفرّدين!

لم أكن يوماً من المعارضين لحرية أي شخص في أن يكون متفرداً ومتجدداً، سواء في الملبس أو اختيار الألوان أو التشبه بنجوم السينما العالميين. بل أتعاطف مع حيوية الشباب وجرأتهم ومحاولاتهم لكسر قيود العادات والآراء غير المرنة. ولكن ما يحزن حقاً هو أن يأخذ شبابنا من ثقافات العالم مظاهرها السطحية فقط، لأنها سريعة الزوال في "بلاد المنشأ"، حسب رغبات إمبراطوريات الموضة والمال العالمية!

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: