السبت, 25 أكتوبر 2025 12:23 AM

خلاف حول تصويت المغتربين: هل هو صراع على التوقيت أم موازين القوى بين بري والمعارضة؟

خلاف حول تصويت المغتربين: هل هو صراع على التوقيت أم موازين القوى بين بري والمعارضة؟

شبكة أخبار سوريا والعالم/ مع كل جلسة تشريعية "عادية" يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، يعود ملف الانتخابات النيابية ليحتل صدارة المشهد السياسي المتوتر. وقد تصاعد هذا التوتر بعد تقديم المعارضة اقتراح قانون معجل مكرر يهدف إلى تعديل آلية تصويت غير المقيمين. يقترح هذا القانون أن يصوت المغتربون لجميع النواب الـ 128، كما كان الحال في عامي 2018 و 2022، بدلاً من حصرهم بستة مقاعد مخصصة للقارات، والتي لم يتم تحديد كيفية توزيعها حتى الآن.

يبدو أن الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل لن تختلف عن سابقاتها. تشير المعطيات إلى أن جدول الأعمال لا يتضمن أي بنود متعلقة بقانون الانتخاب، على الرغم من العريضة النيابية التي جمعت 67 توقيعًا للمطالبة بإدراج بند تعديل قانون الانتخاب. وقد دفع هذا الأمر قوى معارضة، وعلى رأسها "القوات اللبنانية"، إلى التلويح بمقاطعة الجلسة إذا لم يتم إدراج البند الخلافية، مما يهدد النصاب القانوني ويعيد إنتاج مشهد التعطيل التشريعي.

في المقابل، يكرر رئيس مجلس النواب نبيه بري موقفًا حازمًا برفض أي "تمديد تقني"، حتى لو كان لمدة ثلاثة أيام فقط، ويصر على أن مواعيد الاستحقاق ثابتة. لذلك، يرفض أي تعديل للقانون في الوقت الحالي. في الوقت نفسه، يؤكد رئيس الجمهورية تمسكه بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، مع التأكيد على حق المغتربين في المشاركة. فهل يمكن اعتبار هذين الأمرين متعارضين حقًا، أم أن القانون سيتم تعديله في الوقت المناسب لضمان المساواة بين تصويت الداخل والخارج؟!

مقاربة بري وحلفائه

بغض النظر عن الأبعاد السياسية التي يستند إليها بري في موقفه من تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية، يرى المراقبون أن موقفه يستند عمليًا إلى ثلاثة مبادئ واضحة: عدم فتح قانون الانتخاب في جلسة تشريعية عادية، ورفض إدراج اقتراحات معجلة مكررة خارج جدول الأعمال، والتأكيد على أن الاستحقاق سيجري في موعده المحدد دون أي تمديد أو "ترقيع" إجرائي يربك الإدارة الانتخابية في اللحظة الأخيرة، بما يتناسب مع تبدل موازين القوى.

بناءً على ذلك، تبدو ممانعة الرئيس نبيه بري لإدراج بند تعديل قانون الانتخاب على جدول الجلسة العامة المقبلة امتدادًا لما يعتبره "تسييس" الشتات. ويرى أن فتح الاقتراع لـ 128 نائبًا قد يؤدي إلى موجات تصويت يصعب السيطرة عليها في ظل الاستقطابات الحالية. وينعكس ذلك في خطاب يتهم المعارضين بالسعي إلى "عزل طائفة"، مع ما يحمله ذلك من تلميح إلى توازنات حساسة ودوائر ذات ثقل طائفي وسياسي معروف.

بالإضافة إلى ذلك، يستند هذا المعسكر إلى قاعدة "احترام المهل"، حيث يعتبر أن أي تعديل جوهري يتطلب تحضيرًا لوجستيًا على مستوى لوائح شطب الاغتراب، أو المسجلين، أو المراكز والقنصليات، أو عمليات نقل الصناديق، والفرز وإسقاط الأصوات على الدوائر. ويرى أنه لا يفضل فتح هذا الملف قبل أشهر قليلة من بدء العد التنازلي لموعد الاستحقاق، خاصة وأن الإدارة الانتخابية قد بدأت بالفعل في التحضير له وفقًا لما ينص عليه القانون.

حجج المعارضين

في المقابل، تتبنى قوى المعارضة ملفها على مبدأ بسيط، وهو أنه طالما أن اللبناني في الخارج مواطن كامل الحقوق والواجبات، فيجب أن يصوت في جميع الدوائر الـ 15 وليس فقط في ستة مقاعد رمزية. لذلك، جاء الاقتراح المعجل المكرر لإعادة صيغة 2018/2022 باعتبارها الأكثر انسجامًا مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الداخل والخارج. ومن هنا أيضًا يأتي التلويح بالمقاطعة كأداة ضغط دستورية لإرغام رئاسة المجلس على إدراج البند. ولكن هل سينفذ المعارضون تهديدهم؟

تعتبر هذه القوى أن اقتصار تصويت المغتربين على المقاعد الستة فقط يفرغه من مضمونه ويجعله ضعيف الصلة بالتنافس المحلي داخل الدوائر. وفي المقابل، فإن فتح الاقتراع لـ 128 نائبًا يجعل المغترب شريكًا في رسم الخريطة الوطنية ويدخل عامل "الوزن الخارجي" في المعادلة، خاصة مع ارتفاع نسب التسجيل في بلدان ذات كثافة لبنانية تقليدية. وربما هذا ما يجعل بعض القوى "قلقة" مما يتم التخطيط له على الأرض.

عمليًا، تبقى سيناريوهات جلسة الثلاثاء مفتوحة. فمن الممكن أن تفقد الجلسة نصابها إذا ما قررت كتل معارضة مقاطعتها، سواء فرديًا أو جماعيًا، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تعطيل تشريعي غير منظور. ومن الممكن أن يتم إدراج البند في اللحظة الأخيرة، مع تكليف الحكومة بإعداد تقرير بالإمكانيات المتاحة لحسم الشكل النهائي. ويبقى السيناريو الأخير، وهو الذهاب إلى تصويت يسقط الاقتراح في القاعة، فتنتقل المعركة إلى السياسة والإعلام والشارع الاغترابي.

ما يرجح أحد السيناريوهات على سواه هو عامل الوقت. فقد أعلن بري صراحة رفض أي "تمديد تقني"، مما يعني أنه سيستخدم سلاح المهل لحماية النص النافذ. في المقابل، تستند المعارضة إلى "شرعية" المساواة بين الناخبين وإلى تجربة الدورتين الماضيتين عندما اقترع المغتربون للدوائر كاملة. وفي الوسط، يأتي خطاب رئاسة الجمهورية بالتشديد على "انتخابات في موعدها وحق الاغتراب بالمشاركة"، وهو خطاب يمكن توظيفه من الطرفين. فأيهما سيربح؟!

مشاركة المقال: