مع اقتراب مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، تزيد حكومات أوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، من ضغوطها لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. يأتي هذا التصعيد رغم التحذيرات الأممية والأوروبية من أن عودة واسعة النطاق قد تعرقل عملية الانتقال الهشة نحو نظام أكثر ديمقراطية في سوريا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فرانكفورت روند شاو" الألمانية.
ذكرت الصحيفة أن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت (من حزب CSU) يسعى لإبرام اتفاق لإعادة اللاجئين، وتشير التقارير إلى مفاوضات جارية بين مسؤولين ألمان وسوريين في دمشق منذ أسابيع، مع توقعات بتوقيع الاتفاق قبل نهاية العام الجاري. الخطة الوزارية تتضمن البدء بترحيل السوريين المدانين بجرائم، ثم طالبي اللجوء المرفوضين.
كما استأنف المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) دراسة طلبات اللجوء الجديدة من السوريين، بدءًا من المسلمين السنّة، وأعاد فتح ملفات مراجعة الحماية للسوريين الحاصلين على إقامات حماية. هذا النهج المتشدّد قد يؤثر على نحو مليون لاجئ سوري في ألمانيا، بينهم حوالي 660 ألفًا يتمتعون بوضع حماية رسمي، مع إمكانية سحب هذه الحماية في ظروف معينة.
يقود ألكسندر دوبرينت حملة أوروبية منسقة مع النمسا لتسريع عمليات الترحيل. وقد نفذت فيينا بالفعل أول عملية إعادة قسرية منذ سقوط النظام، لكن مصير الشخص المُرحَّل لا يزال مجهولاً بعد اختفائه في دمشق. الأرقام تشير إلى أن العائدين طوعاً من الاتحاد الأوروبي محدودون، بينما يقدر عدد العائدين من ألمانيا بين ثلاثة إلى أربعة آلاف شخص.
حادثتا وفاة مروّعتين لعائدين إلى سوريا أثارتا الشكوك حول سلامة العائدين. توفي أحدهم بعد اعتقاله في الجامع الأموي بدمشق، وسلم جثمانه لعائلته مع آثار تعذيب، أكدها المرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR). أما الثاني فهو الناشط الإعلامي كندي العادي، الذي عُثر عليه مشنوقاً في منزله بدير الزور بعد أسابيع من اعتقاله.
الأمم المتحدة، عبر ممثلها في سوريا غونزالو فارغاس يوسا، حذرت من أن البلاد وصلت إلى "حدود طاقتها الاستيعابية"، وأن إعادة المزيد من اللاجئين قد "تُفاقم الوضع الإنساني والأمني". ورغم رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية عن دمشق، لا يزال تدفق الاستثمارات الدولية بطيئاً بسبب عدم الاستقرار الأمني، واستمرار النزاع بين الحكومة المركزية الإسلامية المؤقتة بقيادة أحمد الشرع والسلطات الكردية في الشمال الشرقي، وتكرار الاشتباكات في حلب ومناطق أخرى.
تقرير صادر عن خدمة الأبحاث البرلمانية في البوندستاغ وصف الوضع في سوريا بأنه "برميل بارود"، مشيراً إلى تورط القوات النظامية والميليشيات الموالية لها في "مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان". وأكدت وكالة اللجوء الأوروبية (EUAA) أن سوريا لا تزال تضم "عدداً كبيراً من الجماعات المسلحة التي تعمل باستقلالية جزئية"، خاصة في الوسط والغرب، حيث تنتشر "حالات الفوضى والجريمة وأعمال الانتقام".