أثار قطع الأشجار في مناطق مختلفة من سوريا جدلاً واسعاً وقلقاً متزايداً. فبعد فترة وجيزة من غضب سكان حي المزة الدمشقي إثر قطع أشجار حديقة الجلاء بحجة الاستثمار الخاص، تفاجأ أهالي طرطوس بقطع شجرتين عملاقتين بالقرب من الصالة الرياضية في المدينة.
القاسم المشترك بين الحادثتين هو تجاهل عدم موافقة وزارة الزراعة، الجهة المعنية بمنح الموافقات على القطع. هذا الاستسهال في قطع الأشجار وتجاهل الجهة المعنية يثير القلق بشأن تجاوز القوانين، وتجاهل الرؤية البصرية لجمالية المدن، والأهمية البيئية للأشجار.
إذا كانت الجرأة تصل إلى هذا الحد في التعامل مع الأشجار الخضراء في قلب المدن، فكيف سيكون مصير الأشجار المحروقة نتيجة الحرائق التي اجتاحت مساحات واسعة من جبالنا وغاباتنا؟ قد يقلل البعض أو يسخر من التحذير من قطع الأشجار المحروقة، ولكن الأمر بالغ الخطورة ويتطلب دراسات جغرافية وزمنية قبل البدء بأي عملية قطع.
يجب أن تبدأ عمليات القطع من جوار المناطق المأهولة، بحيث يتم القطع وزراعة غراس جديدة فوراً من أنواع مناسبة كالغار والخروب والسماق، لتشكيل حزام ناري للمناطق المأهولة وتوفير مصدر دخل للسكان المجاورين. البدء بتلك المناطق ضروري أيضاً لمنع الاعتداء على الأراضي المحروقة.
بعد المناطق المجاورة، يتم استهداف المناطق الأبعد، وهنا يجب التعامل بحذر مع المناطق المنحدرة، لأن قطع الأشجار المحروقة سيتسبب بانجراف كبير للتربة وانكشاف الصخور وحدوث انهيارات، وأقل أخطارها هو تصحر المكان.
آخر مكان يتم التوجه إليه لقطع الأشجار المحروقة هو المناطق ذات التنوع الكبير في الغطاء الحرجي، لأن هذه المواقع غالباً ما تعيد ترميم نفسها ولا تحتاج لإعادة ترميم، على عكس غابات الصنوبر التي تندثر بشكل كامل.
قبل عامين، كشفت عملية التقليم الجائر للأشجار في شوارع المدن وحدائقها عن وجود شبكات تجارة بالأخشاب وحطب التدفئة، وقد يتكرر هذا الأمر هذا العام في ظل الاستسهال والجرأة التي نشهدها في التطاول على الأشجار التي كلف زراعتها ورعايتها مبالغ كبيرة جداً.
ما أصعب حياة المقطوع من شجرة، فما حالنا إن فقدنا الشجرة كلها؟ (أخبار سوريا الوطن2-الثورة)