في أمسية ساحرة، علت أصوات الفن في دمشق لتتجاوز كل الآلام، حيث أشرقت شمس الحرية مجددًا من دار الأوبرا. اجتمعت القلوب مساء أمس الخميس في فعالية وطنية بعنوان "عادت شمس الحرية"، برعاية الهيئة الدولية لحماية المدنيين بالتعاون مع الهيئة السورية لحماية المدنيين. كانت الموسيقى بمثابة وعد، والفن تجسيدًا للكرامة، والطفولة بذرة لمستقبل يليق بسوريا.
من الطفولة تبدأ الحكاية
بدأت الفعالية بعرض كورال أطفال مدرسة الشويفات، في لفتة رمزية تضع الجيل الجديد في صميم المشهد الوطني. ثم تلاه ظهور الفنان عاصم سكر، الذي أعاد إلى الجمهور ذكريات الطفولة من خلال أغاني مسلسلات الرسوم المتحركة الوطنية التي شكلت وجدان السوريين. وفي مشهد مسرحي مؤثر، قدمت فرقة جلنار بقيادة المخرج علي حمدان عرضًا يجسد الطفل السوري كحامل لحلم الوطن، مؤكدًا أن النهضة تبدأ من الاهتمام بهذا الجيل. بعد ذلك، أطل الفنان السوري حازم شريف، ابن حلب، بصوته الذي يحمل عبق القدود الحلبية، ورافقته الفرقة الموسيقية المتميزة بقيادة المايسترو عدنان فتح الله.
الفن لغة التماسك
في كلمته، أكد الأستاذ فارس الحريري، رئيس مؤسسة "Just Married"، أن سوريا لا تنهض إلا موحدة، قائلاً: "نرفع الأصوات بالموسيقى والفن، وسوريا المحبة باقية، وعاشت سوريا حرة أبية". وقد تجسدت هذه الرسالة في كل فقرة، حيث تفاعل الجمهور بحماس مع الأغاني التي اختارها حازم شريف بالتعاون مع المايسترو فتح الله، والتي تمحورت حول الحرية والانتماء.
الموسيقى جسر بين الأجيال
في تصريح لـ"الحرية"، أوضح المايسترو فتح الله أن الحفل كان مميزًا ونجح في إيصال رسالة جميلة، ولم يكن بقيادة الفرقة الوطنية العربية السورية، بل بتشكيل خاص يتناسب مع طبيعة الفقرات. وأكد أن الموسيقى السمفونية العربية لها خصوصية في التكوين والمحتوى. كما أشار إلى استمرار الفعاليات الفنية هذا الشهر، وأبرزها حفل "رباعي العود السوري"، الذي يجمع أربعة عازفين بأسلوب فريد.
صوت النصر من حلب إلى دمشق
من جانبه، أعرب الفنان حازم شريف عن سعادته بالمشاركة، قائلاً: "عندما وقفت على المسرح ورأيت الجمهور، شعرت بقيمة الحفل وقيمة النصر والحرية". ورداً على الانتقادات، أكد أن "سوريا الجديدة تحتاج إلى أن نكون يداً بيد"، ووعد بحفلات قادمة تحمل نفس الروح الوطنية.
فرحة ودمعة
أما المخرج علي حمدان، قائد فرقة جلنار، فقد وصف الحفل بأنه "فرحة وبكاء في آن واحد". وأشار إلى أن العرض يمثل استمرارًا لمسيرة فنية عمرها 27 عامًا، ويعكس حلمًا طال انتظاره بأن تعود الحياة لتنبض في سوريا من جديد. لم يكن "عادت شمس الحرية" مجرد حفل، بل لحظة وجدانية جماعية، جمعت بين الطفولة والحنين، بين التراث والأمل، وبين الموسيقى والرسالة. في دار الأوبرا السورية، غنى السوريون للحرية، وكتبوا فصلاً جديدًا من فصول النهوض، مؤكدين أن سوريا، رغم كل ما مرت به، ستبقى منارة للفن والثقافة، وموطنًا للأمل الذي لا يخبو.