الأحد, 26 أكتوبر 2025 01:46 AM

جريمة تهز الرأي العام: العنف الأسري يتصدر المشهد مجدداً وخبراء يدعون لكسر الصمت

جريمة تهز الرأي العام: العنف الأسري يتصدر المشهد مجدداً وخبراء يدعون لكسر الصمت

فادية مجد: تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تفاصيل حادثة مأساوية أثارت صدمة واسعة، حيث تعرضت شابة في العقد الثاني من عمرها لاعتداء وحشي من قبل زوجها، تمثل في سكب الزيت المغلي على جسدها، مما أسفر عن إصابتها بحروق وتشوهات خطيرة أدت إلى وفاتها. هذه الحادثة، التي وقعت في إحدى الدول العربية، أعادت قضية العنف الأسري، وخاصة ضد المرأة، إلى دائرة الضوء، خاصة في ظل غياب آليات حماية فعالة وتقاعس بعض الجهات المعنية عن التعامل مع هذه الجرائم بجدية وحزم.

الدكتورة تهامة المعلم، المتخصصة في التربية وعلم النفس في تربية طرطوس، تؤكد أن العنف الأسري يُعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تواجه المجتمعات المعاصرة، لما له من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية وخيمة. يتجلى العنف الأسري بأشكال متعددة داخل الأسرة الواحدة، مثل عنف الزوج ضد زوجته أو العكس، أو عنف الوالدين تجاه الأطفال، وتنعكس آثاره على استقرار الأسرة والصحة النفسية لأفرادها.

تتعدد دوافع العنف الأسري، ومن أبرزها الدوافع الاجتماعية كالعادات والتقاليد المتوارثة التي تكرس فكرة سيطرة الرجل على شريك حياته، واعتقاده بأن رجولته تكمن في فرض سلطته على أسرته. كما تلعب الدوافع الاقتصادية دوراً عندما تعجز الأسرة، وخاصة الزوج، عن توفير الاحتياجات الأساسية بسبب ضعف الموارد وتدني الدخل، مما يؤدي إلى نزاعات بين الزوجين وارتفاع مستوى العنف. بالإضافة إلى ذلك، هناك دوافع ذاتية ونفسية تنبع من داخل الإنسان، مثل صعوبة التحكم في الغضب، وتدني احترام الذات، والشعور بالنقص، واضطرابات الشخصية، وترتبط هذه العوامل بالتنشئة الأولية للفرد، مثل الإهمال وسوء المعاملة، أو مشاهدة الطفل لمشاهد عنف في سنواته الأولى، مما يجعله يعتقد أن العنف وسيلة لضبط الأمور العائلية. وقد يظهر العنف أيضاً نتيجة عوامل وراثية أو نتيجة أفعال غير شرعية أثرت على سلوك الأفراد في المستقبل.

وفيما يتعلق بأنواع العنف الأسري، أوضحت المعلم أن العنف الجسدي يتمثل في الأضرار الجسدية مثل الضرب والكدمات والعلامات التي تشير إلى التعنيف، أو التسبب بإعاقة دائمة أو حتى الموت. أما العنف النفسي، فهو من أكثر الأنواع شيوعاً، إلا أنه من الصعب تمييزه أو معرفة مدى تأثيره لعدم وجود آثار مادية ظاهرة على الضحية. وهناك العنف الجنسي، الذي يُعرف بأنه فعل أو قول يمس كرامة الإنسان ويقتحم خصوصية الجسد، سواء أكان عنفاً جنسياً مادياً أو معنوياً، كالألفاظ والتعليقات الجنسية الجارحة.

يؤدي العنف الأسري إلى آثار وخيمة، أبرزها التفكك الأسري وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى الطلاق وانفصال الزوجين وانهيار الأسرة وضياع الأبناء. كما يخلق عداوة اجتماعية، فالطفل الذي يعيش في بيئة غير سوية يكون أكثر عرضة لاكتساب سلوك عدواني، مما ينعكس سلباً على المجتمع بأكمله.

شددت الدكتورة المعلم على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة من خلال إجراءات علاجية ووقائية، مثل برامج التوعية التي تبين خطر العنف الأسري، والوقاية القانونية من خلال معرفة القوانين والتشريعات المتعلقة بحماية الأسرة، والوقاية الإجرائية عبر معرفة طرق الوصول إلى خدمات الحماية والإبلاغ عن العنف. وأكدت على ضرورة وجود مراكز تقدم استشارات للرعاية الأسرية ومؤسسات مجتمعية للدعم النفسي، مع تأمين مستشارين مختصين قادرين على تقديم الرعاية والخدمات الضرورية في حالات العنف. واختتمت بأن العنف ليس وسيلة لضبط الأمور، بل هو طريق لانهيار الأسرة والمجتمع، وعلينا كسر دائرة الصمت ومنح الضحايا صوتاً وأماناً، وبناء مجتمع قائماً على الاحترام والمساواة والعدالة.

من جهته، أفاد المحامي ياسر محرز بأنه لا يوجد في قانون العقوبات نص خاص يبين عقوبة الزوج أو الزوجة في حال اعتدى أحدهما على الآخر، بينما هناك نصوص عامة في قانون العقوبات السوري تنص على حماية الأشخاص من أي اعتداء عليهم وهي المواد من 540 حتى 543 في قانون العقوبات، والعقوبة تكون حسب مقدار الإصابة والمدة التي تحتاجها للتعطيل عن العمل. وأشار إلى أن أغلب قضايا العنف ضد المرأة يتم حلها بالتراضي بأن تسقط المرأه حقها الشخصي بالدعوى حفاظا على عائلتها وأولادها بعد تعهد الزوج أمام القضاء بعدم التعرض لها ثانية ، وفي حالات كثيرة يلجآن إلى طلب الطلاق نتيجة الأذى الجسدي والنفسي الذي لحق بهن .

(أخبار سوريا الوطن2-الثورة)

مشاركة المقال: