المسامحة: قوة لا ضعف.. كيف تعزز التعايش وتساعد على تجاوز الماضي؟


هذا الخبر بعنوان "المسامحة ليست ضعفاً بل نعمة عظيمة تعزز العيش المشترك" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٦ تشرين الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
لكلٍّ منا قصص دفينة وجراح يحاول نسيانها، لكنها تعود لتذكّرنا بأن الماضي لم يبرأ بعد، وأن الوعي هو السبيل الوحيد للشفاء. الإدراك وقبول ما لا يمكن تغييره يمنحاننا القدرة على التصالح مع ذاكرتنا والمضيّ نحو الغد بسلام.
يؤكد الأب رامي الياس، الكاهن اليسوعي والمحلل النفسي، أن جروح الماضي تبقى مدفونة في اللاوعي، حيث تعمل آليات الكبت والدفاع اللاواعي على إخفائها. فالإدراك خطوة أساسية، لكنه لا يكفي لتجاوز الماضي، بل لا بدّ من عمل نفسي عميق يسمح لهذا الماضي بالخروج إلى النور وقبوله كجزء من التجربة الإنسانية. والخطوة الثانية هي توجيه البصر نحو الإيجابي، حتى في أكثر الفصول وجعاً، لأن ثقافتنا غالباً ما تربي أبناءها على التركيز في السلبي.
التحرر من الماضي لا يعني الهروب منه، فالماضي الذي لم يُعالج يعود في الجسد على شكل أمراض نفسجسدية، أو في اللغة من خلال زلات اللسان، أو في ردود أفعال مبالغ فيها. أما التحرر الحقيقي، فيحدث حين يفقد الماضي سلطته علينا.
في مواجهة التجارب القاسية، يرى الأب رامي أن الخطوة الأولى والأهم هي "القبول"، أي أن نقبل ما حدث لا يعني أن نرضى به، بل أن نعترف بأنه جزء من الواقع الإنساني. إن رفض الواقع هو جذر المعاناة، بينما الشفاء يبدأ من الاعتراف بأن ما جرى قد جرى، وأن الحياة تستمر.
كل تحوّل يبدأ من الذات، فمن لم يعرف الحبّ في طفولته، يصعب عليه أن يحبّ أو يسامح لاحقاً. لذا فإن التحرر من الماضي يمرّ عبر "المسامحة"، لأن الغفران للذات وللآخرين يفتح باب الشفاء. وللتحرّر من الماضي المؤلم، لا بدّ من التوقّف عند سؤال جوهري: ما مدى مسؤوليتي عمّا حدث؟ فحين أتحمّل نصيبي من المسؤولية، أتمكّن من مسامحة نفسي، ومنها تنبع القدرة على مسامحة الآخرين. فالمسامحة ليست ضعفاً، بل نعمة عظيمة تجعل العيش المشترك ممكناً، فمن دونها يتحوّل المجتمع إلى جحيم من الأحقاد والمرارة، وبالمسامحة فقط نستطيع أن نبدأ من جديد، ونتجاوز الألم، ونتقبّله كجزء من مسارنا، لنقيم علاقات أكثر صدقاً ومحبّة ووضوحاً، بحسب الأب رامي.
حين يتحقق التحرر، يتم تجاوز الخوف من الوقوع مجدداً بتجربة مؤلمة لأنني أصبحت إنساناً يقبل الواقع وبالتالي تنمو وتكبر ثقتي بذاتي وبالآخر مما يسمح لي بالبدء من جديد والتخطيط للمستقبل. فالإيمان بالقدرة على التغيير يولّد طاقة تدفع الإنسان نحو المستقبل، من يقبل الواقع كما هو لا يخشاه، ومن يتصالح مع ماضيه، يكتشف أنه قادر على كتابة فصول جديدة من حياته، لا كضحية لما كان بل كصاحب قرار فيما سيكون.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الثورة
منوعات
منوعات
منوعات
منوعات