وصلت الباخرة التجارية "Queen Vivian" من جمهورية الصين الشعبية إلى مرفأ "طرطوس"، مسجلةً أول عملية استيراد مباشرة من الصين عبر هذا المرفأ. تحمل الباخرة، التابعة لشركة "شنغهاي"، أكثر من 16 ألف طن من الحديد والمعدات المتنوعة، وفقًا لما أعلنته الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية في 26 تشرين الأول.
أكد مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، لعنب بلدي، أنه تم تفريغ الحمولة بعد استكمال الفحوصات الفنية والبيئية اللازمة. تعود هذه الحمولة لشركات سورية من القطاع الخاص، تعمل في مجالات البناء والصناعات الميكانيكية، وسيتم توزيع المواد لاحقًا إلى عدد من المحافظات السورية بناءً على العقود المبرمة.
حرصت الهيئة على تسهيل عملية التفريغ والنقل بالتنسيق مع الجهات الجمركية والفنية، لضمان سرعة وصولها إلى الأسواق المحلية والمناطق الصناعية دون تأخير. وأشار علوش إلى أن وصول الباخرة "Queen Vivian" ليس حدثًا منفردًا، بل يأتي ضمن خطة أوسع لتعزيز التبادل التجاري بين سوريا والصين، وفتح خطوط بحرية مباشرة بين الموانئ السورية والصينية.
يجري حاليًا التحضير لعدد من الشحنات القادمة، بحسب علوش، والتي تشمل مواد أولية ومعدات صناعية مختلفة، بالتنسيق بين وكلاء شحن سوريين وصينيين. وتعمل الهيئة على تسهيل الإجراءات اللوجستية والجمركية لضمان استمرارية هذه الرحلات وجعلها دورية ومنتظمة في المرحلة المقبلة.
يُذكر أن ميناء "طرطوس" يعتبر ثاني أكبر الموانئ في سوريا بعد ميناء اللاذقية، ويشكل نافذة استراتيجية في شرق المتوسط، بفضل موقعه الذي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، مما يجعله محط اهتمام المستثمرين.
عودة العلاقات مع الصين
يأتي وصول الباخرة التجارية بعد إعلان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عن زيارة رسمية إلى بكين في مطلع تشرين الثاني، مشيرًا إلى أن "الحكومة أعادت تصحيح العلاقة معها، خاصة أنها كانت تدعم النظام السابق سياسيًا وتستخدم الفيتو لمصلحته".
ستُرسم العلاقة بين الطرفين وفق عدة مطالب، إذ يحاول كل طرف استغلال الآخر لتحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية والأمنية، بحسب محللين سياسيين. وقال الباحث في الشؤون العربية علي فوزي، لعنب بلدي، إن الصين ستكسب من إعادة العلاقات مع دمشق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية مهمة، تشمل فرصًا واسعة في مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، وموقعًا استراتيجيًا في شرق المتوسط يعزز مبادرة "الحزام والطريق"، إلى جانب رصيد دبلوماسي متنامٍ يجعلها لاعبًا مؤثرًا في الملفات الإقليمية.
كما أوضح الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة "حماة" الدكتور عبد الرحمن محمد، لعنب بلدي، أن سوريا يمكن أن تستفيد من علاقاتها الاقتصادية مع الصين في عدة ملفات، أهمها:
- الاستثمار في البنية التحتية: الصين لديها القدرة على تقديم استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية، وهو ما تحتاج إليه سوريا بشدة، وأن تلعب الصين دورًا في إعادة إعمار سوريا.
- التجارة: تعزيز التجارة بين البلدين يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي، فتستطيع سوريا تصدير منتجاتها إلى الصين، بينما تستورد من الصين المعدات والتكنولوجيا اللازمة لإعادة الإعمار.
- المساعدات المالية: الصين قد تقدم قروضًا أو مساعدات مالية لدعم الاقتصاد السوري، مما يساعد في تخفيف الأعباء الاقتصادية.
- الطاقة: يمكن أن تستثمر الصين في قطاع النفط والغاز في سوريا، مما يعزز من قدرة البلاد على استعادة عافيتها الاقتصادية.
إن تعزيز هذه العلاقات يتطلب أيضًا إدارة دقيقة للتحديات السياسية والاقتصادية التي قد تواجهها، ولكن الفرص المتاحة تجعل من هذه العلاقات محورًا مهمًا في المستقبل، وفق ما قاله الدكتور عبد الرحمن محمد.